للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي عام ١٥٢٥ أصدر جون الأمير المختار لساكسونيا أمراً لجميع الكنائس الواقعة في دائرة دوقيته بأداء الصلاة وفق المذهب الإنجيلي، كما صاغه ميلانكتون بالاتفاق مع لوثر، وكل مَن يرفض الامتثال لهذا الأمر من القساوسة يفق مستحقاته، وينفى العلمانيون المتشبثون بآرائهم بعد فترة يمهلون فيها (٢٥). وحذا حذوه أمراء آخرون من أنصار لوثر واتخذوا إجراء مماثلاً. وكتب لوثر في خمس صفحات Kleiner Katechismus، ويتألف من الوصايا العشر، التي وردت في عقيدة الرسل، وتفسيرات موجزة لكل وصية، وكان من الممكن أن يعد نصاً محافظاً جداً، يعود إلى القرون الأربعة الأولى للمسيحية.

كان القساوسة الجدد بوجه عام رجالاً يتصفون بالأخلاق الحميدة متضلعين في الكتاب المقدس، لا يعبأون بالتضلع في علوم الإنسانيات، ويكرسون حياتهم لأداء واجباتهم في أبرشياتهم. وروعيت إقامة الصلوات يوم الأحد، كما كانت تقام يوم السبت عند اليهود، وهنا رضي لوثر باتباع التقاليد، أكثر مما راعى ما ورد في الكتاب المقدس، واحتفظت "عبادة الرب" بكثير من شعائر الكاثوليك - المذبح والصليب والشموع والثياب الكهنوتية وأجزاء من القداس باللغة الألمانية، ولكن الموعظة حظيت باهتمام كبير، لتلعب دوراً أعظم، ولم تكن هناك صلوات تقام للعذراء والقديسين، ونبذت الصور والتماثيل الدينية، وتحولت عمارة الكنيسة، بحيث تتيح للعابدين سماع الواعظ بسهولة، وأصبحت الأروقة معلماً مألوفاً في الكنائس البروتستانتية. ومن أجمل ما استحدث المشاركة الفعلية لجماعة المصلين في عزف الموسيقى، التي تصحب أداء الشعيرة، فحتى صاحب الصوت النشاز يتوق للاشتراك في التراتيل، وفي وسع كل صاحب صوت الآن أن يسمع نفسه في شغف، دون أن يخشى أن يتعرف عليه أحد في هذا الجمع الحاشد. وأصبح لوثر شاعراً بين عشية وضحاها، وكتب أناشيد تعليمية، يتخللها الحوار، وتثير الاهتمام، وتتسم