للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعوته "مجلس كانِشْكا"؛ فأعضاء هذا المجلس، وهم من اللاهوتيون الموهوبين (من الوجهة السياسية) قد أعلنوا ألوهية بوذا وأحاطوه بالملائكة والقديسين، واصطنعوا تقشف "اليوجا" الذي عرف في "باتانجالي" وأصدروا باللغة السنسكريتية مجموعة جديدة من المراسيم المقدسة التي على الرغم من قبولها بعد حين قصير للشقشقة الميتافيزيقية والاسكولاتية إلا أنها قد أعلنت وأيدت عقيدة دينية أقرب إلى نفوس الناس من الصورة السوداء المتشائمة المتزمتة التي عرفت في "شاكيا موني".

كان مذهب "ماهايانا" بوذية خففت من حدتها آلهة وطقوس وأساطير برهمية، ولاءمت بين نفسها وبين حاجات قبائل التتار في "كوش" والمنغول في التبت، الذين بسط عليهم "كاتشكا" سلطانه؛ فقد صور ذلك المذهب جنة فيها بوذيون كثيرون، كان أحبهم إلى عامة الناس "أميدا بوذا" المخلص؛ وهذه الجنة وجهنم التي تقابلها كانتا ثواباً أو عقاباً لما يأتيه الناس على هذه الأرض من خير أو شر؛ وهذان العاملان الرادعان كان لهما أثر في تحويل بعض جنود الملك من رقابة سلوك الناس إلى خدمات أخرى؛ وأعظم القديسين في هذا اللاهوت الجديد هم فئة "بوذا بساتوا" ومعناها "بوذا المستقبل" الذين امتنعوا باختيارهم عن القيام بالنرفانا (ومعناها هنا التخلص من العودة إلى ولادة جديدة) التي كانت من حقهم وفي مقدورهم، وذلك لكي يولدوا في حياة بعد حياة، فيساعدوا غيرهم من الناس في هذه الدنيا والاهتداء إلى سواء السبيل (١) وهؤلاء القديسون (مثلهم مثل نظائرهم في مسيحية البحر الأبيض المتوسط- سرعان ما ظفروا بحب الناس لهم حتى كاد عبادهم والمعجبون بهم من رجال الفن يزحمون بهم وبتماثيلهم مدافن العظماء؛ وازدهرت في البوذية كما ازدهرت في مسيحية العصور الوسطى- بل لعلها ظهرت في


(١) في كتاب من "البورنا" أسطورة نموذجية عن ملك كان جديراً بالجنة لكنه آثر البقاء في جهنم ليواسي المعذبين، وأبى أن يغادرها حتى أطلق سراح المغضوب عليهم جميعا.