للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الأخلاق الرسمية بمثل ما كانت عليه في العالم المسيحي. فكان الأتراك يفخرون بوفائهم لكلمتهم وعهودهم، وحافظوا على بنود الامتيازات التي منحوها لأعدائهم، ولكن رقيب الآداب التركي، مثل نظيره- سانت جون كابسترانو مثلاً- كان يرى أنه ليس ثمة وعد أو عهد يلزم المؤمن بشيء يتعارض مع مصلحة أو واجبات دينه، وأن السلطان يمكنه أن يبطل المعاهدات التي عقدها هو أو أسلافه (٤٥). وذكر السياح المسيحيون أن التركي العادي يتسم "بالأمانة وروح العدل .... حب الخير والنزاهة والإحسان" (٤٦). ولكن الأتراك أصحاب الناصب كانوا عادة يرتشون بسهولة، ويضيف مؤرخ مسيحي، أن معظم الموظفين الأتراك كانوا مسيحيين من قبل (٤٧)، ولكن يجدر بنا أن نضيف شيئاً آخر، وهو أنهم ربوا تربية إسلامية. فالباشا التركي في ولايته، مثل البروقنصل (حاكم الإقليم)، الروماني، كان يبادر إلى جمع الثروة، قبل أن تثور وساوس سيده فيستبدل به شخصاً غيره. إنه كان يتقاضى من رعاياه الثمن الذي كان قد دفعه لتعيينه. وكان بيع المناصب شائعاً في القسطنطينية أو القاهرة، قدر شيوعه في باريس أو روما.

ثالثاً- الآداب والفنون

كانت تهيئة السبل لتحصيل العلوم والمعارف أو نقلهما هي أضعف حلقة في الحضارة العثمانية. وكان التعليم الشعبي مهملاً بصفة عامة. وضآلة العلم والمعرفة أمر خطير. وكان التعليم على الأغلب مقصوراً على الطلاب الذين يقصدون إلى دراسة التربية أو القانون أو الإدارة، وكانت مناهجها طويلة قاسية. وقضى محمد الثاني وسليمان وقتاً طويلاً في إعادة تنظيم المدارس وتحسينها. ونافس الوزراء سادتهم السلاطين في إغداق الهبات على هذه الكليات أو المدارس الملحقة بالمساجد. ونعم المدرسون في هذه