للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الأراضي المنخفضة والنمسا وإيطاليا وأسبانيا.

كانت ماري قد ألفت بين فرنسا وأسبانيا-أي أنها في رأي ريشليو خضعت للعدو، وأقصت أولئك اللذين اعتمد هنري الرابع على صداقتهم وهم الإنجليز، والهولنديون، وبروتستنت ألمانيا. ورأى ريشليو بعين القائد الاستراتيجية اللماحة أن الممرات الفاتيلية التي تربط النمسا بإيطاليا الأسباينة هي المفتاح لقوة أسبانيا والإمبراطورية الموحدة في تبادل المؤن والجنود. وكافح اثني عشر عاماً لظفر بهذه الممرات، وقد صرفته عن هذا الهدف وهزمته حروبه مع الهيجونوت والنبلاء، ولكنه استرد بالدبلوماسية أكثر كثيراً مما خسر في الحرب. ذلك أنه اكتسب «فرانسوا اوكليرك دوترمبليه» خادماً أميناً، وكان قد اتخذ اسم جوزف حين أصبح راهباً كبوشياً. وأوفد «الأب جوزف» في كل مكان في بعثات دبلوماسية شائكة فأداها بمهارة، وبدأت فرنسا تزاوج بين الراهب الرمادي العباءة الذي لقبته «صاحب القداسة الرمادي»، وبين ريشليو ذي العباءة الحمراء الذي لقبته «صاحب القداسة الأحمر». أما وقد ظفر الكردينال بهذا المعين، فإنه أقسم أنه «مثبت للعالم أن عصر أسبانيا في سبيل الزوال»، وأن عصر فرنسا قد أقبل (٢٨).

في عام ١٦٢٩ بدا أن الصراع الطويل في ألمانيا أوشك ان ينتهي بنصر الإمبراطور الهابسبورجي الكاثوليكي نصراً مؤزراً على الأمراء البروتستنت. ولكن ريشليو قلب الأوضاع قلباً كاملاً بالمال. ذلك أنه أبرم مع جوستاف أدولف (١٦٣١) معاهدة نصت على أن يغزو ملك السويد المغوار ألمانيا وينقذ الدويلات البروتستنتية، يعينه على ذلك مليون من الجنيهات تدفعها له فرنسا كل عام. وندد أنصار السلطة البابوية المطلقة في فرنسا بالوزير خائناً لدينه، أما هو فكان رده أن الحياد خيانة لفرنسا. فلما مات جوستاف وهو ظافر في لتزن (١٦٣٢) واستسلم معظم الأمراء الألمان