للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ائتمنت أو قد أذبح في فراشي (٤٤) ". ورغبة في ثني القوم عن العنف كان يترك أبوابه غير موصدة ويأمر بأن يستقبل المغيرون إن أتوا دون مقاومة. على أنهم لم يأتوا، وترك مونتيني حراً ليعيش في ركنه الفلسفي بين صراع العقائد وصليل السيوف، وبينما كانت باريس وغيرها من الأقاليم تقتل البروتستنتية في مذبحة القديس برتلميو، كتب مونتيني أجل أثر في النثر الفرنسي.

وكان أحب الخلوات إليه مكتبته الكائنة بالطابق الثالث من البرج الذي يرتفع في واجهة قصره الريفي (دمرت النار القصر عام ١٨٨٥ ولكن البرج باق). وقد أحب مكتبته كنفسه. فكانت ذاته الثانية.

"شكلها مستدير، وليس فيها جانب مستو إلا ما يصلح لمكتبتي ومقعدي، وهو وضع … يتيح لي بنظرة واحدة أن أشتمل ببصري كل كتبي … هناك كرسي؛ هناك عرشي. وأنا احاول أن أجعل حكمي فيها مطلقاً؛ وأن أخص بذلك المركز الوحيد دون صحبة زوجتي، وأطفالي، ومعارفي (٤٥) ".

وقل بين الرجال من استطاب مثله العزلة وهي أخوف ما نخاف:

"على المرء أن يفصل ويسترد نفسه من نفسه … علينا أن نحتفظ بمعين لأنفسنا … خاص بنا دون غيرنا … نختزن فيه حريتنا ونرسيها. إن أعظم شيء للإنسان في العالم أن يعرف كيف يكون نفسه (٤٦).

في مكتبته كان لديه ألف كتاب، أكثرها مجلد مزخرف، وكان يسميها "مواطن لذتي "، فيها استطاع أن يختار صحبته ويعيش مع أحكمهم وأخيرهم. ففي بلوتارخ وحده "لأنه يتكلم الفرنسية " (في ترجمة لآميو " استطاع أن يجد مائة عظيم يحضرون ويتحدثون إليه،