للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقدان قدر آخر من شعبيته لأنه ظل طويلاً يؤيد أنجو ويسانده. ووقعت في مارس محاولة أخرى للقضاء عليه. فلم يطمئن للإقامة في أنتورب ونقل مركز قيادته إلى دلفت. عندئذ عقدت مقاطعتا جروننجن وجلدرلند الصلح مع بارما، ولم يبقَ مع وليم إلا اثنتين من المقاطعات "المتحدة"، وهما هولندا وزيلندة، ولكنهما أثبتتا ولاءهما بأن جعلتا منصب "الحاكم العام" وراثياً في أسرته (ديسمبر ١٥٨٣)، وبهذا وضعت أسس بيت أورانج الذي كان يمكن أن يغزو وأن يرث نصف إنجلترا في ١٦٨٨.

وأصر القتلة ولم تفتر عزيمتهم. وفي أبريل ١٥٨٤ حاول هانز هانزون من فلشنج أن يودي بحياة الأمير، ولكنه أخفق وأعدم. واستبد الحماس الديني ببلتازار جيرار من برجندي، كما اشتد به التفكير في الخمسة والعشرين ألف كراون (١) وقصد إلى دوق بارما يعرض عليه قتل أمير أورانج، ولكن الدوق قدر أن شاباً في العشرين من عمره غير صالح للاضطلاع بهذه المهمة، وأبى عليه المبلغ المتواضع الذي طلبه سلفاً، ولكنه وعده بالجائزة كاملة إذا حالفه التوفيق. وقصد جيرار إلى دلفت، وتنكر في زي كلفني مسكين تقي، وتلقى من وليم اثني عشر كراون صدقة. وصوب إلى جيده ثلاث رصاصات (١٠ يولية ١٥٨٤) فصرخ وليم "يا إلهي، رحمتك بي وبالشعب المسكين". وفاضت روحه في بضع دقائق. وقبض على جيرار وحوكم أمام قضاة المدينة، وأبدى فرحه واغتباطه بنجاحه فيما قصد إليه، ثم لقي أشد العذاب وقتل شر قتلة. ووري وليم التراب في دلفت، بأسمى مظاهر التكريم بوصفه "أبا البلاد". ولما كان قد ضحى بكل ما يملك في سبيل الثورة فإنه لم يخلف لأبنائه الاثنى عشر شيئاً تقريباً. وهذا شاهد صامت على ما درج عليه من نبل وشرف.


(١) أكد رانك في كتابه "تاريخ البابوات" (١ - ص ٤٧٢) أن أحد الجزويت شجع جيرارد على فعلته. كما أكد موتلي في كتابه "قيام الجمهورية الهولندية" ولكن أنكره باستور في كتابه: "تاريخ البابوات" (الفصل العشرون ص١٩ - ٢٠).