للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك أن تلك الفترة كانت ذروة التخلص من السحرة بالقتل المشروع بحكم القضاء. إن المعذبين ومن ينزلون بهم العذاب، على حد سواء، صدقوا بإمكان الحصول على معونة القوى الخارقة للطبيعة بالرقي والتعاويذ أو بوسائل مشابهة، وإذا كان من المستطاع الحصول على شفاعة قديس بالصلوات، فلم لا نلتمس معونة الشيطان بملاطفته والتودد إليه. وثمة كتاب صدر في هيدلبرج ١٥٨٥ تحت عنوان "بعض الأفكار المسيحية حول السحر"، جاء فيه كحقيقة ثابتة مقررة: "أن كل مكان في العالم بأسره، في الداخل والخارج، وفي البر والبحر، يعج بالعفاريت والأرواح الشريرة غير المرئية (٧) " وساد الاعتقاد بأن كل الكائنات البشرية يمكن أن "تلبسها" الشياطين وتحل فيها. وفي ١٥٩٣ "ساد الذعر الرهيب فريدبرج المدينة الصغيرة حيث قيل أن الشيطان قد حل بأجسام أكثر من ستين شخصاً، وعذبهم عذاباً أليماً … بل أن القسيس نفسه استحوذ عليه الشيطان وهو يلقي عظته (٨) ". وتصور قصة: "قطيع الخنازير (إنجيل متي ٨: ٢٧ - ٣٤) " كيف أن المسيح أخرج الشياطين من أجسام الذين حلوا بهم، ألم يمنح أتباعه القدرة على إخراجهم باسمه (إنجيل مرقس ١٦: ١٧). وكان الناس يلجأون إلى القساوسة لمعل تعاويذ مختلفة-لإزالة النباتات والحشرات الضارة من حقولهم، أو لتهدئة الأعاصير في البحر، أو تطهير المباني من الأرواح الشريرة، أو تطهير كنيسة أصابها بعض الدنس .... وفي ١٦٠٤ أصدر البابا بول الخامس منشوراً بمثل هذه الخدمات الكهنوتية. واستنكر الكتاب البروتستانت مثل هذا الرقي والتعاويذ المقدسة على أنها ضروب من السحر. ولكن كنيسة إنجلترا اعترفت بقيمة التعاويذ على أنها طقوس شافية معافية (٩). وهنا، كما هو الحال في كثير من الطقوس، كان الأثر النفسي عليها طيباً.

وكما أخذ الناس بزمام المبادرة في طلب التعاويذ، فإنهم كانوا كذلك أول من طالب بمحاكمة السحرة، فقد ساد الذعر من قوتهم ومقدرتهم. وجاء في