للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم إهداء القضاة]

وبالنسبة لهدايا القضاة فإن العلماء قد تكلموا على ذلك، وذكر بعضهم أن القاضي لا يجوز له مطلقاً أن يقبل الهدية، وهذا قول بعض أهل العلم، وقال بعضهم: جائز، وقال بعضهم: يجوز إذا كان الذي أهدى للقاضي ليس له قضية عند هذا القاضي، وبعضهم قال: يجوز إذا كان ممن يهديه قبل القضاء، فيجوز له أن يهديه بعد القضاء، وشرط بعضهم أن يكون ممن يهديه قبل القضاء وليس عنده قضية عند القاضي.

وعلى أية حال فإن تحريم أخذ القاضي للهدايا هو القول الأحوط، وقد رجحه ابن قدامة رحمه الله تعالى، ولا شك أن القاضي إذا أخذ الهدية فإن ذلك سيكون باب شرٍ عظيم.

اللهم إلا إذا كان هدية لا علاقة لها بالقضاء أبداً، كما إذا أهدى له أخوه هدية، أو جاره أهداه هدية للجوار فقط، أو من -مثلاً- قاض آخر يكون زميلاً له، أي: لا علاقة له بالقضاء مطلقاً، فهو يجزم تماماً أنها لا علاقة لها بالقضاء، فهذا يجوز له أخذها.

ولذلك قال النووي رحمه الله: إن كان المهدي ممن لم تجر له العادة بالهدية إليه قبل الولاية حرم عليه قبول الهدية.

وإذا كانت له عادة بالهدية من قبل ولم تكن له قضية عند القاضي أو حكومة -العلماء يسمونها حكومة- جاز قبولها، وإن كان له حكومة أو قضية عند القاضي فلا يجوز للقاضي أن يقبلها حتى لو كان المهدي له سابق عهد بالهدية، قبل أن يتولى القاضي القضاء.

كذلك فإن من الأشياء التي يمكن أن تكون بريئة، الإهداء للقاضي بعد التقاعد من القضاء، أو أن يهدي له شخص شيئاً ما، وهذا الشخص لا علاقة له بمجال القضاء ولا يأتي إليه في خصومة مثل أن يكون في بلدٍ آخر فيه قاض آخر، فأهدى له هدية من بلد إلى بلد، فهنا لا يطمع أن يكون له عند القاضي شيء، وإذا أهديت للقاضي هدية؟ قال بعض أهل العلم: يردها إلى بيت المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>