للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أن يذكر الله قبل أن يدخل الخلاء]

خامس عشر: من آداب قضاء الحاجة: ذكر الله عز وجل قبل أن يدخل الخلاء، فماذا يقول قبل أن يدخل؟ قال صلى الله عليه وسلم: (ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: باسم الله) (وكان صلى الله عليه وسلم إذا دخل الكنيف قال: باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، وكان إذا خرج من الغائط قال: غفرانك).

فأما بالنسبة للبسملة فقد عرفنا فائدتها، فيأتي بها الإنسان في أي موضع، أو في أي عمل، والسنة أن يأتي بها قبل الشروع في أي عمل، وهنا فائدتها أنها تمنع الجن من النظر إلى عورات الآدميين؛ لأنه لا بد أن يكشف العورة عند قضاء الحاجة.

والمراحيض ومواضع النجاسات من الأماكن التي يغشاها الجن، فإذا كانوا يغشون هذه الأماكن والإنسان سوف يدخلها فإنه يحتاج إلى التسمية لكي يستتر منهم: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف:٢٧] وقوله: (أعوذ بك من الخبث والخبائث) لو قلت: الخبْث فإنه مصدر معروف، أما الخُبُث والخبائث فالمقصود: ذكران الشياطين وإناثهم، جمع خبيث وخبيثة: خُبُث وخبائث.

فإذاً: الشياطين لهم ذكور وإناث، وقد يكون في هذا المكان من هذا الجنس أو من هذا الجنس، إذن يستعيذوا من شرهم أيضاً؛ لأنهم قد يكون لهم شر بحيث أنهم يغشون هذه الأماكن يخيفون، أو يصرعون، أو يدخلون ونحو ذلك، فقول هذا الدعاء يفيد في معالجتهم أو كف شرهم وأذاهم.

وعند الخروج يقول: (غفرانك) ما علاقة (غفرانك) بالخروج؟ قال بعض العلماء: الوجه في سؤال المغفرة أنه جرى منه عليه الصلاة والسلام على عادته إذ كان من دأبه الاستغفار في حركاته وسكناته وتقلباته حتى إنه ليعد له في المجلس الواحد مائة مرة، وإنه لما كان خروج الأخبثين -هذه ملاحظة ذكرها بعضهم- بسبب خطيئة آدم، يعني: عندما كان آدم عليه السلام في الجنة لم تكن هناك نجاسة تخرج {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الأعراف:٢٢] وصارت هذه المعصية سبب الهبوط إلى الأرض وصار غائط وبول.

فيذكر العبد نفسه بهذا الاستغفار ما حدث بسبب الخطيئة، وأن العبد لا يخلو من الخطيئة حينئذٍ، وأن هناك ارتباطاً بين الخطيئة التي حدثت وبين خروج النجاسة من الإنسان، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الحمد لله الذي أذهب عني أذاه وأذاقني لذته) وفي رواية: (وأذهب عني مشقته).

ما هو الأذى؟ هذا الذي يخرج من الإنسان، والمشقة الحاصلة بسبب مكثك، فخروج الغائط نعمة تستوجب الشكر، والإنسان يهمل ويقصر فيذكر نفسه بالدعاء والمغفرة: (غفرانك) غفرانك على التقصير، غفرانك من كل شيء، فهو يسأل الله سبحانه وتعالى المغفرة أو يطلب منه المغفرة، وقد تكون هذه الأماكن مدعاة أيضاً للوقوع فيما يحرم من التذكير بأمور السوء ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>