للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انما ذلك بسبب سوء ظنه وحسن ظن الاخرين تجده يؤول كل كلمة يسمعها او يقرؤها تاويلا سيئا.

وهذه فئة ليست حديثة انما هي قديمة قدم الزمان فلقد حذر الصحابي الجليل ابو هريرة رضي الله عنه هذه الفئة في عهده من هذا المدخل الشيطاني وسدد السهم في الهدف عندما ذكر لهم سبب هذا المرض وهو الغفلة عن عيوب النفس فقال:" يبصر احدكم القذاة في عين اخيه وينسى الجذع او الجذل في عينيه" ... وادركها الامام الحافظ ابن حبان وجعل هذه الصفة تنافي صفات العاقل وجعل تركها من واجباته فقال:" الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس مع الاشتغال باصلاح عيوب نفسه فان من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره اراح بدنه ولم يتعب فلبه فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من اخيه وان من اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمى قلبه وتعب بدنه وتعذر عليه ترك عيوب نفسه وان من اعجز الناس من عاب الناس بما فيهم واعجز منه من عابهم بما فيه من عاب الناس عابوه" ... وكان للشعراء نصيب كبير في هذه الحملة لاقتلاع هذا الداء من نفوس الدعاة الى الله فقال قائلهم:

اذا انت عبت الناس عابوا واكثروا

عليك وابدوا منك ما كان يستر

وقد قال في بعض الاقاويل قائل

له منطق فيه كلام محير

اذا ما ذكرت الناس فاترك عيوبهم

فلا عيب الا دون ما منك يذكر

فان عبت قوما بالذي ليس فيهم

فذلك عند الله والناس اكبر

متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم

عيوبا ولكن الذي فيك اكثر

فسالهم بالكف عنهم فانهم

بعيبك من عينيك اهدى وابصر

<<  <   >  >>