للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال تعالى {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} وقامت البراهين الواضحة على أن جناه بلوغ الأماني فتجارته رابحة وغنيمته محصلة

خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة=إن الجلوس مع الجبان قبيح

ولا يقعدنك عن المعالي أوهام التقاعد وجنود اليأْس فكثيراً ما ضربت خيامها علي أناس فجردتهم من معالم الإنسانية وألبستهم ثياب المذلة وأنزلتهم في حضيض البهيمية أولئك الذين طبع الله على قلوبهم فاستحبوا العمى على الهدى فلم ينظروا قول القائل

من كان يعلم أن الشهد مطلبه=فلا يخاف للدغ النحل من الم

فاستصعاب الطريق جبن والركون إلى البطالة عار فعلى العاقل أن يعد الصعب سهلاً والبعيد قريباً والجموح ذلولاً كي ينال مطلبه ويظفر بغايته.

لاستسهلن الصعب أو إدراك المنى=فما انقادت الآمال إلا لصابر

ولئن تصفحنا التاريخ لظهر لنا جلياً أنه ما وصل إنسان إلى سعة العيش ورفعة المنزلة إلا بعد أن وصل ليله بنهاره وحرم الراحة على نفسه جاعلاً نصب عينيه قول من قال:

دع الهوينا واكتسب وانتصب=وأكدح فنفس الحرّ كداحة

وكن عن الراحة في معزل=فالصفع موجود مع الراحة

اللهم إلا من أتاحت له المقادير أباً ترك له مجداً أثيلاً ومالاً كثيراً فمكث طول عمره يرتفع في بحبوحة الثروة بلا كدٍ ونصب فذلك الذي عاش في نعمة أبيه منعم الجسم مستريح البال (وقليل ما هم) على أننا لو

<<  <   >  >>