للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنفسها وبعدت عن الخليط والدخيل تتجاذب إلى بعضها تجاذب حلقات السلسلة إلى بعضها البعض وربما كان فيها مزيج أجنبي يستره الاختلاط وطول المعاشرة ويمنع من ظهوره عدم وجود ما يحتك فيه حتى يتأثر ويرجع بالجاذبية إلى الأصل. فإذا دخلت أمة على هذه الأمة وكان في المدخول عليها عروق منها نزعت إليها وعطفت عليها وأسرعت في تلقي عوائدها وانقادت لانفعالها بأفعالها وأقوالها وعادت تذم من ولدت في أرضهم وتربت بين ظهرانيهم وعرفت لها أباً أو أبوين منها صورة واستحال على أخيها الوطني إرجاعها إلى

الجامعة الوطنية لاستبداد الدم الأصلي على تلك الذات التي كانت في حكم السائح الغائب عن وطنه لغرض فلما انقضى عاد إلى وطنه وبهذه الجاذبة فاز كثير من الدول في حروب شتى بانصياع الدماء السائحة إليها فتدلها على عورات دولتها وتساعدها بتثبيط الهمم وبث الفتن حتى تمكنها من بلادها بغلبة جاذبة الجنسية على الوطنية. وهذا سر خفي ظهرت منه عجائب في الفتوحات الدولية والمجامع الاختلاطية. وهناك صبغة تنصبغ بها الذات فتقع بين طرفي تجاذبها مع الجنس وهي صبغة الدين فإنها تحكم على الذات بحسب ما أنصبغ بها وإن خالفها جنساً ووطناً ولكن إذا وقع خلاف بين منصبغين بها هربت الطباع إلى أصولها فإننا إذا رأينا حرباً قامت بين فرانسا وانكلترة مثلاً تهرب الطباع إلى الجنسية ويقابل كلٌ دينيَّه بقلب كالصخر ونفس عاتية عادية فلا يسره إلا ذبح دينيّه والانتصار عليها بهتك عرضه وتخريب بيته وإذلال سلطانه وكذلك لو وقعت حرب بين عربي وعجمي تماثلاً ديناً هربت الطباع إلى الجنسية

<<  <   >  >>