للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعلق بملوكهم وأمرائهم والتوصل إلى حفظ الحقوق برعاية جانب الدول والمحافظة على الأمن العام وقيام كل عامل بعمله على قانون العدل وطريق الاستقامة ليحق الله الحق ويبطل ولو كره المجرمون. وليعلموا أن مصيبتهم

بهذه المبارزات قبضت نفوس إخوانهم في جميع الأقطار فعادوا للتساؤُل فيما كانوا يسمعونه عن مهدديهم من أنهم محبون للأمة الشرقية مدافعون عنها لا يتعرضون لإضرارها ولا لسلب سلطتها من سلطنها وأمرائها وقد تبين لهم أن تلك الكلمات كانت بروقاً خلبية وحيلاً سيماوية استمالوا بها النفوس وجذبوا القلوب حتى وقع في حبالهم من وقع وقد انكشف الغطاء ووضح الصبح لذي عينين وأيقن الكل أن القصد الاستعباد بسوط الاستبداد. وحركات النفوس لا تزال تختلج في الصدور والقوّة تمانعها والعوارض تدفعها حتى تخرج من مقارّها إلى ساحة حياة أو موت والكون شاهد عدل على تربية أمم كثيرة تحت أحضان أمم أُخرى وعودتها لعز الاستقلال والتخلص من قيد الاستعباد. ومن هذا نعلم أن ضغط أوروبا على أفكار الشرقيين ومسارعة ملوكها للتغلب على أقطارهم هو عين الحياة للشرق وأهله وباعث المحافظة على الحقوق والمطالبة بها عند تمكنهم من فرصة الظفر فإن أعمال أوروبا في الشرق ما هي إلا دروس تعطى لأهله وتمرين على الأعمال الجديدة وأعداد لقوى يكونها الاحتكاك في الأفكار والتربية تحت الأحضان. ولو لم تتداخل أوروبا في الشؤُون الشرقية بالتجول في هذه الأقطار والتغلب على بعضها ونقل التجارة إليها ونشر جرائدها بين قوم ما كانوا يعلمون شيئاً من أحوال أوروبا لبقي الشرق على اغتراره بكلام أهل الأطماع وظنه الصدق في أخبار محبي الاستعباد وتوهمه الحق في

<<  <   >  >>