للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: (تدليسُ الاسنادِ (١)) - بالدرجِ -، (كمَنْ يُسقِطُ مَنْ حدَّثَهُ) من الثِّقاتِ لصِغَرهِ، أَوْ من الضُّعفاء، وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِه فَقَطْ (وَيَرْتَقِي) لشيخِ شيخِهِ فمَنْ فَوْقَهُ، مِمَّنْ عُرِفَ لَهُ مِنْهُ سَمَاعٌ، وإن اقتضى كلامُ ابنِ الصَّلاحِ أنَّه لَيْسَ بشرطٍ (ب‍ ((عَنْ))

و ((أنْ))) - بتشديدِ النونِ المسَكَّنةِ للوقفِ -، (وَقَالَ) ونحوِها، مِمّا لاَ يَقْتَضِي اتّصَالاً، لئلاَّ يَكُونَ كذباً (يُوهِمُ) بِذَلِكَ (اتّصَالاً) (٢). فَالتَّدليسُ: أن يَرْوِيَ عَمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، مُوهِماً أنَّه سَمِعَهُ مِنْهُ (٣)، وَهذا بخلافِ الإرسالِ الخفيِّ، فإنَّهُ، وإن شَاركَ التَّدليسَ في الانقطاعِ يَخْتَصُّ بمَنْ رَوَى عَمَّنْ عَاصَرَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ (٤).

وَمِن تَدْلِيْسِ الإسنادِ: أن يُسْقِطَ الرَّاوِي أداةَ الرِّوَايَةِ مُقْتَصِراً عَلَى اسمِ الشَّيْخِ، وَيَفْعَلُهُ أَهْلُ الحَدِيْثِ كَثِيْراً (٥).

مِثَالُه: مَا قَالَ (٦) ابنُ خَشْرَمٍ: ((كُنَّا عِنْدَ ابنِ عُيَيْنَةَ، فقالَ: الزُّهْرِيُّ، فَقيلَ لَهُ: حَدَّثكَ الزُّهريُّ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: الزُّهْرِيُّ. فَقِيلَ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ؟ فقال: لا، لَمْ أسمعْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، ولا مِمَّنْ سَمِعَهُ من الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَني عَبْدُ الرَّزاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ))، رَواهُ الحَاكِمُ (٧).

وَسَمَّاهُ شَيْخُنا تَدْلِيْسَ القَطْعِ (٨)، لكنَّه مَثَّلَ لَهُ بِما رَواهُ ابنُ عَديٍّ، وغيرُهُ عَن


(١) في (م) بتجويد الهمزة، وهو من ذهول الناشر.
(٢) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٠٤، والنكت الوفية: ١٣٧/ ب.
(٣) معرفة أنواع علم الحديث: ١٨٤.
(٤) انظر: النكت لابن حجر ٢/ ٦٢٣.
(٥) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٣٠٦.
(٦) في (ع) و (ق): ((قاله)).
(٧) أسند هذه القصة الحاكم في المدخل إلى الإكليل (٢٠ - ٢١)، وفي معرفة علوم الحديث: ١٠٥، والخطيب في الكفاية: (٥١٢ ت، ٣٥٩ هـ‍)، وانظر: نكت الزّركشيّ ٢/ ٧٠.
(٨) النكت لابن حجر ٢/ ٦١٧. وقال البقاعي في النكت الوفية (١٣٩/ب): ((سماه شيخنا حافظ العصر تدليس القطع فيكون رابعاً)).

<<  <  ج: ص:  >  >>