للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثَّانِي: أصلها

بات من الضروري في بحث المختصرات التحدث عَنْ أصولها ليتسنى للباحث الإحاطة بجوانب الأمور، وَلَمِّ شعثها وجمع متفرقها.

والحق أن طريقة الاختصار عَنْ طريق النظم - لا سيَّما في القرن الثامن الذي عاش فِيهِ الحافظ العراقي - لَمْ تعد طريقة مستغربة أو أمراً مستبدعاً، أو مقصوراً عَلَى علم الحَدِيْث، بَلْ الحق أنه لَمْ يعد هناك فن من فنون العلوم والمعارف عَلَى اختلاف أجناسها وأنواعها إلا وَقَدْ نظمت فِيهِ العديد من المنظومات التي تشابه في فكرتها منظومة الحافظ العراقي.

ولعل من أوثق طرق تحديد أصل تِلْكَ المنظومات نص المختصر عَلَى ذَلِكَ، وممن فعل ذَلِكَ الحافظ العراقي إذ يَقُول في " التبصرة والتذكرة " (١):

٦ - لَخَّصْتُ فيهَا ابْنَ الصَّلاحِ أَجْمَعَهْ ... وَزِدْتُهَا عِلْماً تَرَاهُ مَوْضِعَهْ

وقال في شرح هَذَا البيت:

((وقوله: لخصت فِيْهَا ابن الصَّلاح، أي: كِتَاب ابن الصَّلاح، والمراد: مسائله وأقسامه دُوْنَ الكثير من أمثلته وتعاليله ونسبة أقوال لقائليها وما تكرر فِيهِ)) (٢).

وهكذا بدا واضحاً بصورة جلية أن أصل " التبصرة والتذكرة " هُوَ كِتَاب ابن الصَّلاح " مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث " (٣)، مَعَ شيء من الزيادات العلمية التي تتصل بالمواضع الرئيسة في الكِتَاب، لا بالأمثلة والشواهد حسب.


(١) البيت رقم (٦).
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٠٦.
(٣) وهذا هو اسمه الصحيح، الذي سماه به مؤلفه ابن الصلاح، وقد حققنا صحة هذه التسمية فيما كتبنا عنه عندما حققناه، ولله الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>