للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والراوي، إِذْ الشَّيْخُ مُشْتَغِلٌ بالتحديثِ، والراوِي بالكتابةِ عَنْهُ، فَهُمَا أبعدُ عَنِ (١) الغَفْلَةِ، وأقربُ إلى التحقيقِ مَعَ جريانِ العَادةِ بالْمُقابَلَةِ بعدَهُ.

(وَقُلْ) في حالةِ الأداءِ لما سَمِعْتَهُ من لفظِ الشَّيْخِ: (حَدَّثَنَا) فُلاَنٌ، أَوْ (سَمِعْتُ) فُلاَناً، (أَوْ أَخْبَرَنَا)، أَوْ خبَّرنا، أَوْ (أنْبَأَنَا)، أَوْ نَبَّأنَا فُلاَنٌ، أَوْ قَالَ لَنَا فُلاَنٌ، أَوْ ذكرَ لَنَا فُلاَنٌ.

فيجوزُ جَمِيْعُ ذَلِكَ اتِّفاقاً، كَمَا حكاهُ الْقَاضِي عياضٌ (٢).

وجوازُ جميعِه اتِّفاقاً، لا يُنافي مَا يأتي من أرفعيَّةِ بعضِهِ عَلَى بعضٍ.

قَالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وَيَنْبغِي فِيْمَا شَاعَ استعمَالُهُ مِن هذِهِ الألفاظِ فِيْمَا سُمِعَ مِن غَيْرِ لفظِ الشَّيْخِ أَنْ لا يُطْلَقَ فِيْمَا سُمِعَ من لفظِهِ، لما فِيهِ من الإيهامِ، والإلباسِ)) (٣).

قَالَ النَّاظِمُ: ((مَا قَالَهُ القاضِي مُتَّجِهٌ؛ إِذْ لا يجبُ عَلَى السَّامِعِ أن يبيِّنَ، هَلْ كَانَ السَّمَاعُ مِن لفظِ الشَّيْخِ، أَوْ عَرَضاً؟

نَعَمْ، ينبغي عدمُ الإطلاقِ في ((أَنْبَأَنَا)) بَعْدَ اشْتِهارِ استعمالِها في الإجازةِ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى إسقاطِ المرويِّ، بِها عِنْدَ مَنْ لا يَحتَجُّ بالإجازةِ)) (٤).

وبالجملةِ فهذهِ الألفاظُ متفاوِتَةٌ، (وَ) قَدْ (قَدَّمَ الخَطيبُ) مِنْها (أَنْ يَقُولاَ) أي: الرَّاوِي: (سَمِعْتُ، إِذْ) لفظُها صريحٌ في سَمَاعِ لفظِ الشَّيْخِ (٥)، (لا يَقْبَلُ التأويْلاَ) الآتي بيانُه، بخلافِ ((سَمِعْنَا))، فإنَّه يقبلُهُ ((ك‍: حَدَّثَنَا)).

(وبَعْدَها) أي: بَعْدَ ((سَمِعْتُ)) في الرُّتبةِ (حَدَّثَنَا)، و (حَدَّثَنِي)؛ لأنَّها لا تكادُ تُستَعْمَلُ في الإجازةِ بخلافِ هاتينِ، ولأنَّها -كَمَا مَرَّ- لا تَقبلُ التأويلَ بخلافِ ((حَدَّثَنَا)) (٦).


(١) في (م): ((من)).
(٢) الإلماع: ٦٩.
(٣) معرفة أنواع علم الحديث: ٢٩٤.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٨٩ - ٩٠.
(٥) الكفاية: (٤١٣ ت، ٢٨٤ هـ‍) وعبارته: ((فلذلك كانت هذه العبارة أرفع مما سواها)).
(٦) انظر: الكفاية: (٤١٢ - ٤١٥ ت، ٢٨٤ - ٢٨٦ هـ‍)، وشرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>