للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجرى تَبَعاً لابن الصَّلاَحِ (١) في التَّعْبيرِ بالرُّؤْيَةِ عَلَى الغالِبِ، وإلاّ فالأولى - كَمَا قَالَ (٢) - التَّعْبيرُ بـ ((لاقي)) النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أي: ليدخلَ نَحْوُ ابنِ أمِّ مَكْتومٍ.

ثُمَّ قَالَ: ((فالعِبارَةُ السَّالِمَةُ مِن الاعتِرَاضِ، أَنْ يُقَالَ: ((الصَّحَابِيُّ مَنْ لقيَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْلِماً، ثُمَّ ماتَ عَلَى الإِسْلاَمِ)) لِيخْرجَ مَنِ ارتَدَّ، وماتَ كافِراً، كابنِ خَطَلٍ، ورَبِيعَةَ بنِ أُمَيَّةَ)) (٣).

قَالَ: ((وفي دُخُولِ مَنْ لقيَهُ مُسْلِماً، ثُمَّ ارتَدَّ، ثُمَّ أسلَمَ بَعْدَ وفاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الصحابةِ نَظَرٌ كَبِيْرٌ، كَقُرَّةَ بنِ هُبَيْرةَ، والأشْعَثِ بنِ قَيْسٍ)) (٤).

قَالَ شَيْخُنَا: ((وَالصَّحِيْحُ دخُولُهُ فِيْهِمْ، لإطْبَاقِ الْمُحَدِّثِيْنَ عَلَى عَدِّ الأشْعَث بن قَيْسٍ، ونحوِهِ مِنْهُمْ)) (٥).

أما مَنْ رجَعَ إلى الإِسْلاَمِ في حَياتِهِ، كَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سَرْحٍ، فلا مانِعَ مِنْ دُخُولِهِ فِيْهِمْ بدخُولِهِ الثَّانِي في الإِسْلاَمِ.

قَالَ النَّاظِمُ (٦): ((وقولُهم: مَنْ رأى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - هَل الْمُرَادُ أنَّهُ رآهُ في حالِ نبوَّتِهِ، أَوْ أعمُّ؟))، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدلُّ عَلَى أنَّ الْمُرِادَ الأوَّلُ.

وخرجَ بـ ((قَبْلَ وَفَاتِهِ)): مَنْ رآهُ بَعْدَهَا، وبـ ((الْمُسْلِمِ)): الكافِرُ، وَلَوْ أسْلَمَ بعدُ، وبـ ((المميِّزِ)) غَيْرُهُ، وإنْ رآهُ، كَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عدِيِّ بنِ الخيار الَّذِي أحضِرَ إِلَيْهِ غَيْرَ مميِّز.


(١) معرفة أنواع علم الحديث: ٤٦١.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ٣/ ٦.
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ٣/ ٦ - ٧، وهذا ما عرف به ابن حجر في الإصابة١/ ٧، ونزهة النظر: ١٤٩.
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ٣/ ٧. لأن الردة محبطة للعمل عند أبي حنيفة، والشافعي وصححه الزركشي، وحكى الرافعي عن الشّافعيّ: ((أنها إنما تحبط بشرط اتصالها بالموت)).
انظر: بدائع الصنائع ٧/ ١٣٦، والبحر المحيط ٤/ ٣٠٤، والأم ٦/ ١٦٩، ومغني المحتاج ٤/ ١٣٣.
(٥) الإصابة ١/ ٨، ونزهة النظر: ١٤٩ - ١٥٠.
(٦) شرح التبصرة والتذكرة ٣/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>