للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل الثقات، العارفين (بمغابن) ١ الطرق من غير أولئك القبائل والمداشر خفية منهم، فإذا ظفر بأحد من الجواسيس ونحوهم ممّن كلّفهم بحراسة، أو ثبت على أحد منهم شيء من ذلك بإقرار أو بيّنة، فلا إشكال أنه يحلّ له عقوبة الجميع.

أمّا عقوبة الجاسوس فتكون بالقتل، ولا تقبل له توبة، قال "خليل" ٢: (وقتل عين وإن أمن، والمسلم كالزنديق) ٣.

وقال "ابن رشد" ٤: (لأنّ مفسدته أعظم من مفسدة المحارب) ٥.


١ - في "الأصل" (بمغاير) وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه من "ب" و"ج"، و"د" فمغابن الطرق، أي مخادعها. أنظر البستاني- فاكهة البستان: ١٥١.
٢ - في "ب" (خ)، وهو: خليل بن اسحاق بن موسى، ضياء الدين الجندي، فقيه مالكي، من أهل مصر، تعلم في القاهرة، وولي الافتاء على مذهب مالك. من كتبه: "المختصر- ط" و"التوضيح- خ" و"المناسك- خ" واختلف في سنة وفاته وأرجحها (سنة ٧٧٦هـ). (ابن فرحون- الدليباج: ١١٥، ابن حجر- الدرر الكامنة: ٢/ ٨٦، الزركلي- الأعلام: ٢/ ٣١٥).
٣ - أنظر: مختصر خليل: ٩٨، (باب: الجهاد، وقال الزرقاني في "شرحه على خليل": ٣/ ١١٨، ("وقتل عين" على المسلمين، وهو الجاسوس الذي يطلع على عورات المسلمين، وينقل أخبارهم للعدوّ، وإن كان ذميًّا عندنا أو حربيًّا أمن، لأن التأمين لا يتضمن كونه عيناً، ولا يستلزمه، ولا يجوز عقد عليه، "سحنون" إلاّ أن يرى الإمام استرقاقه، والمسلم العين كالزنديق، ان ظهر عليه كونه عينا قتل ولو أظهر التوبة بعد أخذه، وإن جاء تائباً قبل الظهور عليه).
٤ - أبو الوليد: محمد بن أحمد: قاضي الجماعة بقرطبة، من أعيان المالكية، وهو: جدّ ابن رشد الفيلسوف (محمد بن أحمد)، من كتبه: "المقدمات والممهدات- والبيان والتحصيل- ط" و"الفتاوى"، (ط) وغيرها، مات (سنة ٥٢٠هـ،. (ابن بشكوال- الصلة: ٥٧٦ - ٥٧٧، ابن فرحون- الديباج: ٢٧٨، الزركلي- الأعلام: ٥/ ٣١٦ - ٣١٧).
٥ - أنظر: ابن رشد- البيان والتحصيل: ٢/ ٥٣٧، حيث رجح قول (ابن القاسم): (أرى أن تضرب عنقه) في عقوبة الجاسوس، وعلّل ذلك بقوله: (لأن الجاسوس أضر على المسلمين من المحارب، وأشدّ فساداً في الأرض منه، وقد قال الله تعالى- في المحارب- {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّة وَرَسُولَهُ} (سورة المائدة/ آية ٣٣).
فللجاسوس حكم المحارب، إلاّ أنه لا تقبل له توبة باستخفافه بما كان عليه، كالزنديق، وشاهد الزور، ولا يخير الإمام فيه- من عقوبات المحارب- إلاّ في القتل والصلب، لأن =

<<  <   >  >>