للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: ولعل هذا الكتاب كان مقدمةً لكتاب آخر أجمع وأشمل يكون شرحاً واسعاً ((لجمع الجوامع))، إلا أنّه لم يسعف الوقتُ التاج السبكي في ذلك، وإليه أشار التاج بقوله: ((ولو وسع وقتي لكتابة شرح عليه واف بالغرض منبه على ما رمزت إليه على وجه الاستقصاء؛ لدخل في أسفار كثيرة)) (١).

[المطلب الثاني: أهمية ((منع الموانع)) ومميزاته]

تكمن أهمية ((منع الموانع)) في النواحي الآتية:

١. أنّه من أهم كتب التاج السبكي الأصولية، وذلك لما يأتي:

أ) لأنّه آخر مصنفاته الأصولية وذلك لأنّه قد وضعه بعد شرحيه على ((المنهاج)) و ((المختصر)) وبعد ((جمع الجوامع)).

ب) لأنّه الكتاب الذي عليه التعويل في معرفة آراء التاج السبكي الأصولية؛ وذلك لأنّه قد دافع فيه عما اختاره في ((جمع الجوامع))، مبيناً سبب اختياره في ذلك.

ج) لأنّه جاء كالشرح والتقرير والدفاع عما أورده في ((جمع الجوامع)) لذا يمكن عدّ كتابه هذا من أهم شروح ((جمع الجوامع))؛ لأنّ التاج السبكي هو الأقدر على حل كلامه وبيان معانيه ومراميه من أي شخص آخر غيره.

٢. أنّ هذا الكتاب قد اعتمد عليه غالب شراح ((جمع الجوامع))، حيث كانوا يرجعون إليه وينقلون العديد من عباراته، ومنهم البدر الزركشي، وابن العراقي، والجلال المحلي، ومن أصحاب الحواشي، ابن قاسم، والعطّار، وغيرهم.

[مميزاته]

امتاز ((منع الموانع)) بعدد من المميزات أذكر منها:

١ - التنبيه على دقة عباراته في ((جمع الجوامع)): من أهم ما تميز به التاج السبكي في هذا الكتاب هو أنّه كان لا يمر بعبارة من عبارات ((جمع الجوامع)) إلا وبين دقة هذه العبارة وبيان حسن اختصارها.

فمن ذلك قوله في بيان سبب عدوله في التعادل والتراجيح عن قولهم: فإن ظن التعادل إلى قوله: فإن توهَّمَ (٢)، قال: ((وأما عدولنا عن لفظ الظن إلى لفظ التَّوهُم في التعادل؛ فلأن الظن ما يكون الطرف فيه راجحاً، ولا ريب في أنّه لا يترجح التعارض في حديثين، لأنّا على قطع بأنّه لم يقع منه صلى الله عليه وسلم حديثان متعارضان معاذ الله،. . .، إذا عرفت ذلك فالمجتهد إذا اشتبه عنده أمر حديثين فهو يحسبهما متعارضين، ويعلم أنّه لا تعارض في نفس الأمر، وإنّ حسبانه ناشئ إما عن اختلال فهمه، أو اختلال السند، أو غير ذلك، ولا يهتدي إلى تعيين تلك الجهة التي أوتي منها، ولو اهتدى إليها لم يَتَوهَّم التعارض.

وإذا وَضُح لك هذا؛ لاحَ أنّ استعمال لفظ التَّوهُم، وهو ما يكون الجانب المتوهَّم فيه مرجوحاً خير من لفظ الظن)) (٣).


(١) المصدر السابق ص ٣٧٠
(٢) انظر: التاج السبكي، منع الموانع ص ٧٧، جمع الجوامع ص ١٨٨
(٣) انظر: التاج السبكي، منع الموانع ص ٢١٦ - ٢١٧ بتصرف

<<  <   >  >>