للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: ما صرّح به التاج السبكي من أنّه قد جمع كتابه هذا من زُهاء مئة مصنف فظنوا من ذلك أنّه قد جمع فيها طريقة الحنفية.

ثانياً: أنّه قد ذكر بعض آراء الحنفية في عدد من مسائل هذا الكتاب.

ثالثاً: أنّه قد ذكر بعض الفروع الفقهية التي استدل بها على القاعدة الأصولية كما هو في طريقة الحنفية.

رابعاً: الترتيب الذي اتبعه التاج السبكي، والنسق الذي صنف عليه كتابه ظنوا أنّه ليس على طريقة المتكلمين ولا على طريقة الحنفية فهو إذاً جامع بينهما.

وعندي في ذلك كله وجهة نظر حاصلها ما يأتي:-

أولها: أنّ التاج السبكي قد صرّح نفسه أنّ كتابه هذا [أي ((جمع الجوامع))] قد أودع فيه زُبدة ما في شَرْحَيه على ((المنهاج)) و ((المختصر)) (١)، ومعلوم أنّ كلاً من ((المنهاج)) و ((المختصر)) من الكتب التي سار بها مصنفوها على طريقة المتكلمين وأنّ التاج السبكي قد اتبع في شرحه لهما الطريقة نفسها، مع ما امتاز به المتأخرون من الشرّاح – ومن بينهم التاج السبكي – من ذكر الفروع الفقهية المبنية على المسائل الأصولية، ومع ذلك فلا يصح القول بأنّها كتبٌ جامعةٌ.

ثانيها: أنّ المصادر المئة التي استمد التاج السبكي منها كتابه هذا، إنّما هي مصادره التي اعتمد عليها في شرحيه على ((المنهاج)) و ((المختصر)) بدليل قوله: ((المحيط بزُبدة ما في شرحي على ((المختصر)) ... و ((المنهاج)).))

ثالثها: وأما إيراده لبعض آراء الحنفية وذكره لعدد من الفروع الفقهية؛ فأقول: أنّ ذكره لها قليل أولا، وثانيا: أنّ أمثال ((منهاج)) البيضاوي، و ((مختصر)) ابن الحاجب؛ وهما من كتب المتكلمين اتفاقا، قد ذكر فيهما مثل ذلك، فإن كان ذكر آراء الحنفية والفروع الفقهية ذريعة لاعتباره من الكتب الجامعة، فلمَ لم يقولوا عن ((المنهاج)) و ((المختصر)) نحو ذلك، بجامع ذكر الفروع الفقهية وآراء الحنفية.

وبالمقارنة بين ((جمع الجوامع)) و ((التوضيح)) لصدر الشريعة (٢)، المتفق على كونه من الكتب الجامعة، تجد بوناً واسعاً جداً في هذا المجال.

فصدر الشريعة أولاً: لا تكاد تخلو مسألة إلا ويذكر فيها رأيَي الحنفية والشافعية، مع اعتباره مذهب الحنفية في ذلك، انظر على سبيل المثال الصفحات: ١/ ٦٣، ٦٦، ٦٧، ١١٤، ١١٥) وهذا بخلاف التاج السبكي فهو لا يذكر آراء الحنفية في كل مسألة بل في المسائل المهمة التي للحنفية رأي مخالف له أثر فيها، وهي المسائل التي يذكرها المتكلمون غالبا.


(١) انظر: التاج السبكي، جمع الجوامع ص ١٢٤.
(٢) هو الإمام العلامة الأصولي الفقيه الحنفي صاحب شرح الوقاية عبيد الله بن مسعود بن تاج الدين محمود بن صدر الشريعة أحمد بن جمال الدين المشهور بصدر الشريعة، توفي سنة ٧٤٧هـ، من مصنفاته: النقاية، المقدمات الأربعة. انظر ترجمته في اللكنوي، الفوائد البهية ص ١٨٣

<<  <   >  >>