للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- وقد روى أئمة التفسير عن سعيد بن جبير أنه قال: إذا عمل بالمعاصي في أرض فأخرج منها، وتلا قوله تعالى {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله واسعة فتهاجروا فِيهَا} [سورة النساء: ٩٧] وقال القرطبي: في هذه الآيه دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي.

- ثم حكى عن مالك –رحمه الله- أنه قال: هذه الآية دالة على أنه ليس لأحد المقام بأرض يسب فيه السلف ويحكم فيها لغير الحق.

- وحكى القاضي أبو بكر العربي هذا عن مالك أيضًا ذكره في (أحكام القرآن).

- ثم قال: وهذا صحيح، فإن المنكر إذا لم يقدر أن يغير المنكر يزول عنه، انتهى.

وكلام مالك هذا يدل على وجوب الهجرة عند العجز عن التغيير.

وذكر ابن العربي في أقسام الهجرة، الخروج أيضًا من أرض غلب عليها الحرام وعلله بأن طلب الحلال فريضة على كل مسلم.

- وقال القرطبي –أيضًا- عند قول الله تعالى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [سورة الأنفال: ٢٥] قال علماؤنا: فالفتنة إذا عمت هلك الكل، وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير، وإذا لم يغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها.

وهكذا كان الحكم فيمن كان قبلنا من الأمم كما في قصة السبت حين هجروا العاصين وقالوا: لا نساكنكم. وبهذا قال السلف رضي الله عنهم.

- وروى وهب بن منبه عن مالك –رحمه الله- أنه قال: تهجر الأرض التي يعمل فيها المنكر جهارًا ولا يستقر فيها.

<<  <   >  >>