للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لجارتها الغزالة أولاد صغار وكانت اللبوة تذهب كل يوم تبتغي قوتاً لشبلها من النبات وصغار الحيوان وكانت تمر في طريقها على أولاد الغزالة وهم يلعبون بباب مسكنهم فحدثت نفسها يوماً باقتناص واحد لتجعله قوت ذلك اليوم وتستريح فيه من الذهاب ثم أقلعت عن هذا العزم لحرمة الجوار ثم عادها الشره ثانياً مع ما تجد من القوة والعظم وأكد ذلك ضعف الغزالة واستسلامها لأمر اللبوة فأخذت طبياً منهم ومضت، فلما علمت الغزالة داخلها الحزن والقلق ولم تقدر على إظهار ذلك وشكت لجارها القرد فقال لها القرد اصبري فلعلها تقلع عن هذا ونحن لا نستطيع مكافأتها ولعلي أن أذكرها عاقبة العدوان وحرمة الجيران، فلما كان الغد أخذت طبياً ثانياً فليقها القرد في طريقها فسلم عليها وحيّاها، وقال لها لا آمن

عليك عاقبة العدوان والبغي وإساءة الجوار فقالت له ما اقتناصي لأولاد الغزال إلا كاقتناصي من أطراف الجبال وما أنا تاركة قوتي وقد ساقه القدر إلى باب بيتي، فقال لها القرد هكذا اغتر الفيل بعظم جثته ووفور قوته فبحث عن حتفه بظلفه وأوقعه البغي رغم أنفه، فقالت اللبوة كيف كان ذلك. قال القرد ذكروا أن قنبرة كان لها عش فباضت وفرخت فيه وكان في نواحي تلك الأرض فيل وكان له مشرب يتردد إليه وكان يمر في بعض الأيام على عش القنبرة فمر ذات يوم يريد مشربه فعمد إلى ذلك العش ووطئه وهشم ركنه وأتلف بيضها وأهلك فراخها، فلما نظرت القنبرة إلى ما حل بعشها ساءها ذلك وعلمت أنه من الفيل فطارت حتى وقعت على رأسه باكية وقالت أيها الملك ما الذي حملك على أن وطئت عشي وهشمت بيضي وقتلت أفراخي وأنا في جوارك أفعلت ذلك استضعافاً بحالي وقلة مبالاة بأمري؟ قال الفيل هو ذلك فانصرفت القنبرة إلى جماعة من الطيور فشكت إليهم ما نالها من الفيل فقالت لها الطيور وما عسانا أن نبلغ من الفيل ونحن طيور فقالت للعقاعق والغربان إني أريد منكم أن تسيروا معي إليه فتفقئوا عينيه وأنا بعد ذلك أحتال عليه بحيلة أخرى فأجابوها إلى ذلك ومضوا إلى الفيل فحملوا عليه حملة واحدة ونقروا عينيه إلى أن فقئوهما وبقي لا يهتدي إلى طريق مطعمه ولا مشربه فلما علمت ذلك جاءت إلى نهر فيه ضفادع فشكت إليهن ما نالها من الفيل فقالت الضفادع ما حيلتنا مع الفيل ولسنا كفؤه وأين نبلغ منه؟ قالت القنبرة أحب

<<  <   >  >>