للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإني لا أصلح لهذا الأمر، فإن كنت صادقاً في قولي فلا أصلح له، وإن كنت كاذباً فلا يجوز لك أن تولى كاذباً دماء المسلمين وفروجهم.

وأما سفيان فأدركه المشخص في طريقه فذهب لحاجته، وانصرف ينتظر فراغه، فبصر سفيان بسفينةٍ فقال للملاح: إن مكنتني من سفينتك، وإلا أذبح بغير سكين تأول قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين" (٤٣).

فأخفاه الملاح تحت السارية (٤٤).

وأما مسعر فدخل على المنصور فقال له: هات يدك كيف أنت، وأولادك، ودوابك؟ فقال: أخرجوه فإنه مجنون.

وأما شريك فقال له المنصور: تقلد القضاء. قال: أنا رجل خفيف الدماغ. قال: تقلد وعليك العصيد والنبيذ الشديد حتى يرجح عقلك فتقلد، ْفهجره الثوري، وقال: أمكنك الهرب فلم تهرب (٤٥).

١٤٧ - وفيه أيضاً بسنده عن يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: كتب الخليفة إلى عبد الله بن وهب في قضاء مصر، فتجنن نفسه، ولزم بيته، فأطلع عليه راشد بن سعيد، وهو يتوضأ في صحن داره فقال: أبا محمد، ألا تخرج بين الناس فتحكم بينهم بكتاب الله وسنة رسوله، وقد جننت نفسك، ولزمت نفسك بيتك، فرفع إليه رأسه، وقال: إلى هنا انتهي عقلك أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء والمرسلين، والقضاة يحشرون مع السلاطين" (٤٦).


(٤٣) سبق تخريجه.
(٤٤) السارية: الأسطوانة، وهي الخشبة التي يعلق عليها قلع المركب.
(٤٥) أخرجه أبو القاسم النيسابوري (ص٥٩ - ٦٠) في عقلاء المجانين، وانظر أثر دخول شريك في القضاء على حفظه في التهذيب (٤/ ٣٣٦).
(٤٦) أخرجه أبو القاسم النيسابوري (ص/٦٠) في عقلاء المجانين.

<<  <   >  >>