للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو} المدثر: ٣١. لم تتعاطين الربا بالصبح والعشية، ولم تراعي مراقبة العظيم صاحب العطية الذي ينعم عليك في كل وقت وفي كل ضيق وكربة ... ألا تستحي، وتحذري محاربة الجبار ذو البطش الشديد هل هذا هو شكر هذه النعم المأتية!!!

أيتها النفس العزيزة القانعة بما آتاك الله تعالى بكل رضا اعلمي أنك إن كنت تطلبين ما يرضيك فكل شيء في الدنيا لا يكفيك وإن كنت تطلبين ما يكفيك فأقل شيء في الدنيا يرضيك واعلمي أن سعادتك مبنية على الرضا والقناعة برزق رب البرية، قال - صلى الله عليه وسلم - ((طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافا وقنع به)) صحيح الجامع٢/ ٣٩٣١.

هي القناعة لا تبغي بها بدلا ... فيها النعيم وفيها راحة البدن

انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن

أيتها النفس المسكينة، الغافلة عن الآخرة لم تعصين الله سرا وعلانية وتجاهرين بالمعاصي كأنك منتقمة متعدية أكان بينك وبينه عداوة جعلتك تخالفين أمره وتتركين نهيه، لم كل هذا العناد ألم ترى كيف ينعم عليك من مجيئك إلى الدنيا إلى يوم الميعاد، ويحفّك برحمته ونعمه وغفرانه أنت وجميع العباد، فماذا عليك لو التزمت أوامره واجتنبت نواهيه!! ليس لك جزاء إلا السعادة والفوز في الدنيا والآخرة.

أيتها النفس الخائفة المرتعدة الراجفة لم تخافين من الأقدار النازلة وتحملين هموم الأيام القادمة أليست من صنع أحكم الحاكمين منزل الابتلاءات والمصائب المؤلمة والبشريات والمسرات المفرحة فلا بد أن تعتصمي به وتكوني مؤمنة ولا تسألي غيره ولا تستعيني بسواه تعرفي عليه في الرخاء يعرفك في الشدة والعناء، ارضي بأقداره وأفعاله تكوني أسعد الناس؛ قال - صلى الله عليه وسلم - ((احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجمتعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشي إلا قد كتبه الله عليك جفت الأقلام ورفعت الصحف)) صحيح الجامع٢/ ٧٩٥٧. وقال - صلى الله عليه وسلم - ((تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا)) السلسلة الصحيحة:٥/ ٤٩٧.

أيتها النفس الحزينة المكلومة .. يا من تكالبت عليها الذنوب والأوزار ولم تجد لها حيلة وحاولت الخلاص منها فلم تنجح أي وسيلة؛ باب التوبة مفتوح يناديك:

كفى يا نفس ما كان ... كفاك هوى وعصيانا

كفاك ففي الحشا صوت ... من الإشفاق نادانا

كأني ما سمعت ولا ... رأيت الهدى إذ بانا

كأني صخرة فمتى ... يلين الصخر إيمانا

أيا نفسي خبا نفسي ... بضيق الصدر أحزانا

أصيح بتوبتي ندما ... كفى يا نفس ما كانا

الكل يناديك، يناديك رب العزة ويقول {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون} الزمر: ٥٣.

<<  <   >  >>