للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله - صلى الله عليه وسلم -، وقلة مبالاته بالأحاديث الثابتة عنه؟! وقد ذكرت في أول الكتاب تسعة أحاديث من الصحاح والحسان الدالة على خروج المهدي في آخر الزمان، فلتراجع (١) ففيها أبلغ رد على ابن محمود، حيث أورد الحديث الذي فيه الحث على الاعتصام بالكتاب والسنة ثم خالفه في أحاديث المهدي، فلم يعتصم بالصحيح والحسن منها، بل قابلها بالرد والإطراح.

وأما قوله: ولم يقل وتركت من بعدي المهدي.

فجوابه: أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نوَّه بالمهدي وأخبر عنه في عدة أحاديث، بعضها صحيح وبعضها حسن، وقد تقدم ذكرها في أول الكتاب (٢)، وإنما نوه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمهدي لأنه يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسمع والطاعة لولاة الأمور، ونهى عن الخروج عليهم، وذلك من الاعتصام بالكتاب والسنة.

وأما قوله: إنه لم يثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح أنه ذكر المهدي باسمه.

فجوابه: أن يقال: بلى، وقد قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الكافية الشافية:

إن البدار برد شيء لم تحط ... علما به سبب إلى الحرمان

وقد جاء في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي تقدم ذكره في أول الكتاب (٣) أن اسم المهدي يواطئ اسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن اسم أبيه يواطئ اسم أبي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو حديث صحيح كما تقدم بيان ذلك.

وأما لفظة "المهدي" فليست اسمًا، وإنما هي صفة للرجل الذي يلي في آخر الزمان، وهو من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، واسمه محمد بن عبد الله، وقد جاء ذكره بصفة المهدي في روايتين للإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وقد روى إحداهما الترمذي وقال: "هذا حديث حسن". وجاء ذلك أيضًا في رواية ثالثة عن أبي سعيد -رضي الله عنه- رواها الإمام أحمد، وأبو يعلي، وقال الهيثمي: "رجالهما ثقات". وجاء ذلك أيضًا في رواية رابعة عن أبي سعيد -رضي الله عنه- رواها الحاكم وصححها، ووافقه الذهبي على تصحيحها. وجاء ذلك أيضًا في حديث عن علي -رضي الله ......................................


(١) ص (٩ - ١٧).
(٢) ص (٩ - ١٧).
(٣) ص (٩ - ١٠).

<<  <   >  >>