للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه- رواه الإمام أحمد، وابن ماجة، وإسناد كل منهما حسن. وجاء ذلك أيضًا في حديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رواه الطبراني في الأوسط، وقال الهيثمي: "رجاله ثقات". وجاء ذلك في حديث عن جابر -رضي الله عنه- رواه الحارث بن أبي أسامة، وقال ابن القيم: "إسناده جيد". وجاء ذلك أيضًا في حديث موقوف عن علي -رضي الله عنه- رواه الحاكم، وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي في تلخيصه. وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضا، وقد تقدم ذكرها في أول الكتاب (١)، فلتراجع ففيها أبلغ رد على ابن محمود.

وذكر ابن محمود في صفحة (١٥) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خصَّ معاذًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة. فقلت: وإن زنا وإن سرق. فقال: وإن زنا وإن سرق. فقلت: أفلا أبشر بها الناس؟ فقال: لا تبشرهم فيتكلوا. متفق عليه.

والجواب: أن يقال: قد وهم ابن محمود وغلط، حيث لفَّق هذا الحديث من حديثين، وهذا التلفيق من فوائده التي حصَّلها بعد توسعه في العلوم والفنون. فأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة» فقد رواه الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، عن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أتاني جبريل عليه السلام فبشرني؛ أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة. قلت: وإن زنى وإن سرق. قال: وإن زنى وإن سرق» هذا لفظ مسلم في كتاب الإيمان، ونحوه عند البخاري في عدة مواضع من صحيحه. وقد روى الإمام أحمد عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- نحوه، وأما قوله: فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: «لا تبشرهم فيتكلوا» فهو طرف من حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عفير، فقال: «يا معاذ، هل تدري ما حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الله على العباد؛ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله؛ أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا، فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشر به الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا» هذا لفظ البخاري في كتاب الجهاد، ونحوه في رواية مسلم في كتاب الإيمان، ورواه الإمام أحمد بدون قوله: «فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ ... » إلى آخره، وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: ذُكِر لي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ............................................................................


(١) ص (١٢ - ١٧)

<<  <   >  >>