للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما سيقع فيما بعد، ومن أعظم المعاصي تكذيب ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورد الأحاديث الثابتة عنه، ومن هذا الباب إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأشراط الساعة؛ ومنها خروج المهدي، والقحطاني، والجهجاه، وحسر الفرات عن كنز من ذهب أو جبل من ذهب، فمن قبل الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك وآمن بما جاء فيها ولم يجد في نفسه حرجًا منها فلا شك في زيادة إيمانه، ومن رد الأحاديث الثابتة في ذلك ووجد في نفسه حرجًا منها فلا شك في نقص إيمانه، وقد يذهب إيمانه بالكلية، قال الله -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *}، وقال -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، قال الإمام أحمد: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك".

الوجه الثالث: أن يقال: إذا خرج المهدي ورأى الناس سيرته مطابقة لما جاء في الأحاديث الصحيحة فلا شك أن ذلك مما يزيد المؤمنين إيمانًا بمعجزة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما قوله: فلا حاجة لهم به خرج أو لم يخرج.

فجوابه: أن يقال: إذا كثر الهرج في آخر الزمان، وانتشرت الفتن والفوضى والجور والظلم، ولم يكن للناس إمام يجمعهم وينصف المظلوم من الظالم، فحينئذ تكون الحاجة ماسة إلى خروج المهدي الذي يقوم بأمر الناس، ويسعى في إخماد الفتن والفوضى، وإزالة الجور والظلم، ونشر القسط والعدل، ومن أنكر الحاجة إلى مثل هذا الإمام العادل فلا يخلو إما أن يكون مكابرًا أو خاليًا من العقل.

وقال ابن محمود في صفحة (١٧): "وإننا الآن في العام المتمم للقرن الرابع عشر من السنين، وما يشعرني أنه سيأتي من الزمان أكثر مما مضى حتى تقوم الساعة دون أن يخرج المهدي".

والجواب: أن يقال: هذه الجملة قد ذكرها ابن محمود في صفحة (٩) من رسالته وتقدم الجواب عنها (١).

وأما قوله: من السنين.


(١) ص٩٠ - ٩١.

<<  <   >  >>