للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخدري، وأم سلمة، وجابر -رضي الله عنهم-، وقد تقدم ذكرها في أول الكتاب فلتراجع (١)، وقد قال الله -تعالى- في صفة رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وقال -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، ومن رد الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وطعن في صحتها فلا شك في فساد عقيدته.

وأما قوله: لقد عَلِقَ بعقائد العامة وعقولهم وبعض العلماء وجود مهدي في عالم الغيب، لا يعلمون مكانه ولا زمانه.

فجوابه: أن يقال: أما وجود المهدي في آخر الزمان فهو ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد من الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد تقدم ذكر بعضهم قريبًا، وإذا خرج المهدي فإنه يكون في ذلك الزمان في عالم الحس والمشاهدة، ولا يكون في عالم الغيب كما قد توهم ذلك ابن محمود.

وأما مكان المهدي، فقد جاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- الذي تقدم ذكره في أول الكتاب؛ أنه من أهل المدينة، وأنه يبايع بمكة بين الركن والمقام، وجاء في حديث جابر -رضي الله عنه- الذي رواه الحارث بن أبي أسامة؛ ما يدل على أنه يكون بالشام حين نزول عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام-.

وأما زمان المهدي فلا يعلمه على التعيين إلا الله -تعالى-، وفي حديث جابر -رضي الله عنه- ما يدل على أن زمانه يكون قبيل نزول عيسى وبعد نزوله، والله أعلم.

وأما علوق خروج المهدي في آخر الزمان بعقائد العامة وعقولهم وبعض العلماء، فذلك دليل على تحقيقهم لشهادة أن محمدًا رسول الله؛ لأن تحقيقها مبني على أربعة أمور؛ أحدها: طاعة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والثاني: اجتناب نهيه، والثالث: تصديق أخباره، والرابع: أن لا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومن تصديق أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان بخروج المهدي في آخر الزمان، لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث صحيحة، تقدم ذكرها في أول الكتاب (٢).

وأما قوله: فمنهم من يؤمن به ويصدق بظهوره وينكر على من أنكره، ومنهم من ينكر وجود المهدي بتاتًا ويطعن في صحة الأحاديث الواردة فيه، ويزعم بأنها مصنوعة ومكذوبة على رسول الله.


(١) ص ٩ - ١٧.
(٢) ص ٩ - ١٧.

<<  <   >  >>