للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفحة (٦): إنه من المحال أن يوجب النبي على أمته التصديق برجل من بني آدم مجهول ... إلى آخره، فليراجع في أول الكتاب (١).

وأما قوله: إن هذا مما ينافي شريعته.

فجوابه: أن يقال: أما الذين ادعوا المهدية كذبًا وزورًا؛ مثل محمد بن التومرت، والمهدي العبيدي، وأمثالهما من الكذابين فلا شك أن دعواهم وأعمالهم تنافي الشريعة، ومن هذا الباب دعوى الكيسانية أن محمد بن الحنفية هو المهدي، ودعوى الرافضة أن محمد بن الحسن العسكري هو المهدي، ودعوى الذين ألحدوا في الحرم في أول سنة ١٤٠٠هـ أن أحدهم هو المهدي، فكل ذلك كذب وزور ينافي الشريعة، وأما المهدي الذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروجه في آخر الزمان، وأخبر أنه يعمل بالسنة، وأنه يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا، فالتصديق به موافق للشريعة غاية الموافقة؛ لقول الله -تعالى-: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}، وقوله -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وقوله -تعالى-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

وأما قوله: فوجود هذا أضر على الناس من عدمه.

فجوابه: أن يقال: بل وجود المهدي المبشر بخروجه في آخر الزمان أنفع للناس من عدمه؛ لأنه يعمل بالسنة، ويملأ الأرض قسطًا وعدلا، ومن أنكر عموم النفع بمن يكون بهذه الصفة ففي عقله خلل.

وأما قوله: مع أنه من المحال بأن يكون على صفة ما ذكروا.

فجوابه: أن يقال: في هذا الكلام من الرجم بالغيب، والتألي على الله -تعالى-، والإنكار لعظيم قدرته وعموم مشيئته، والتكذيب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما لا يخفى على من له أدنى علم ومعرفة.

وأما قوله: أما اعتقاد بطلانه وعدم التصديق به فإنه يعطي القلوب الراحة والفرح والأمان والاطمئنان، والسلامة من الزعازع والافتتان.

فجوابه: أن يقال: بل الأمر بالعكس، فإن الذي يعطي القلوب الراحة والفرح والأمان والاطمئنان، والسلامة من الزعازع والافتتان، هو الإيمان بكل ...........................


(١) ص ٥٥ - ٥٧.

<<  <   >  >>