للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله في أحاديث المهدي التي رواها أبو داود، والإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجة: إنها كلها متعارضة ومختلفة، ليست بصحيحة ولا متواترة، لا بمقتضى اللفظ ولا المعنى.

فجوابه: أن يقال: قد تقدم الجواب عما زعمه من وقوع التعارض والاختلاف بين أحاديث المهدي، مع الكلام على قوله في صفحة (٦): ومنها تناقض هذه الأحاديث وتعارضها. فليراجع (١)، وتقدم الجواب عن قوله: إنها ليست بصحيحة ولا متواترة، مع الكلام على قوله في صفحة (٤): وفي الحقيقة إنها كلها غير صحيحة ولا متواترة، فليراجع أيضًا (٢).

وقال ابن محمود في صفحة (٣٩) إلى صفحة (٤٢): "الحديث الأول: روى أبو داود في سننه، عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يزال هذا الدين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة، ثم قال كلمة، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش» ثم أجاب ابن محمود بقوله: إن هذا الحديث يجعلونه رأسًا وأصلا في أحاديث المهدي، بحيث يستقي منه أهل السنة الذين يصدقون بصحة خروج المهدي، كما يستقي منه الشيعة حيث يرون أن إمامهم محمد بن الحسن العسكري هو الثاني عشر، وبمقتضى التأمل لم نجد للمهدي ذكر في هذا الحديث، لا بمقتضى التصريح ولا التلميح، فالاستدلال به على فرض صحته غير موافق ولا مطابق، فإنه لا ذكر للمهدي فيه، ولم يقل في الحديث إن أحدهم المهدي حتى يكون حجة، وقد صار أمر المهدي وخروجه مشترك بين السنة والشيعة وكل منهم يستدل بهذا الحديث، وقد سماه العلامة ابن كثير في نهايته بالخليفة، وجعله بصف الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخلافة من بعدي ثلاثون سنة»، وقد انتهت بوفاة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ولا أدري من أين وجدوا بأن رسول الله قال في هؤلاء الأئمة أن أحدهم المهدي، أو أنه الإمام أو الخليفة، وما هو إلا محض المبالغة في الغلو في القول بخروجه، حتى أعلقوا هذا الاعتقاد في قلوب بعض العلماء وأكثر العامة، وحتى أدرجوه في عقيدة أهل السنة والجماعة، والحق أن حديث جابر بن سمرة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ................


(١) ص ٧٠ - ٧١.
(٢) ص ٤١ - ٤٥.

<<  <   >  >>