للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك أورد حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- مع أحاديث المهدي، والله أعلم.

وأما قوله: إن هذا الحديث يجعلونه رأسًا وأصلا في أحاديث المهدي، بحيث يستقي منه أهل السنة الذين يصدقون بصحة خروج المهدي، كما يستقي منه الشيعة حيث يرون أن إمامهم محمد بن الحسن العسكري هو الثاني عشر.

فجوابه: أن يقال: ليس الأمر على ما زعمه ابن محمود، فإن أهل السنة لم يجعلوا حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- رأسًا وأصلا في أحاديث المهدي، ولم أر أحدًا من أهل الكتب الستة ذكره في أحاديث المهدي سوى أبي داود، وأما غيره فذكروه في أبواب الخلافة والإمارة، وذكره فيها أليق به، وإنما يعتمد أهل السنة في المهدي على ما رواه علي، وابن مسعود، وأبو سعيد، وأبو هريرة، وأم سلمة، وجابر -رضي الله عنهم- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذكرت أحاديثهم في أول الكتاب فلتراجع (١).

وأما الرافضة فليس لهم ما يتعلقون به في حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: «لا يزال هذا الدين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش» وفي بعض الروايات «اثنا عشر أميرًا»، والذين يزعم الرافضة إمامتهم من أهل البيت لم يتول الخلافة منهم سوى علي بن أبي طالب وابنه الحسن -رضي الله عنهما- فأي رأس وأي أصل تستقي منه الرافضة من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما-. ومن له أدنى علم وفهم لا يخفى عليه أن حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- بعيد كل البعد عن مطابقة ما تزعمه الرافضة في مهديهم المزعوم المعدوم محمد بن الحسن العسكري.

وأما قوله: وبمقتضى التأمل لم نجد للمهدي ذكر في هذا الحديث، لا بمقتضى التصريح ولا التلميح، فالاستدلال به على فرض صحته غير موافق ولا مطابق، فإنه لا ذكر للمهدي فيه، ولم يقل في الحديث إن أحدهم المهدي حتى يكون حجة.

فجوابه: أن يقال: قد لحن ابن محمود في قوله لم نجد للمهدي ذكر، وصوابه ذكرًا.


(١) ص ٩ - ١٧.

<<  <   >  >>