للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود». هذه ألفاظ الحديثين عند البخاري ومسلم، وهو إخبار عما يكون يوم القيامة، وليس في شيء من ألفاظ الحديثين ما زاده ابن محمود في قوله: "المكذبة للرسل"، وقد ورد الوعيد الشديد لمن قال على النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل، وليس هذا موضع ذكر الأحاديث الواردة في ذلك.

وأما قوله: وعلى كل حال فإنه ليس في الحديث التصريح باسم المهدي ولا زمانه ولا مكانه ولا الإيمان به، ولا يمتنع كونه من جملة الخلفاء السابقين، الذين استقام بهم الدين، وبسطوا العدل في مشارق الأرض ومغاربها بين المسلمين، وبين من يعيش معهم من المخالفين لهم في الدين.

فجوابه: أن يقال: قد جاء في حديث علي -رضي الله عنه- ما يقوم مقام التصريح باسم المهدي، ففيه النص على أنه من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه يكون في آخر الزمان، حتى لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعثه الله -عز وجل-، وأنه يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورًا، ومن كان بهذه الصفة فهو المهدي المنتظر، سواء وقع التصريح باسمه في هذا الحديث أو لم يقع، وقد جاء التصريح باسمه في عدة أحاديث تقدم ذكرها في أول الكتاب فلتراجع (١).

وأما التصريح بزمان المهدي ومكانه فليس ذلك شرطًا في الإيمان بخروجه، وقد ذكرت في أثناء الكتاب قول ابن محمود: وحاشا أن يفرض رسول الله على أمته الإيمان برجل من بني آدم مجهول في عالم الغيب، لا يعلم زمانه ولا مكانه. وذكرت الجواب عن قوله: لا يعلم زمانه ولا مكانه، فليراجع ذلك في موضعه (٢).

وأما الإيمان بخروج المهدي في آخر الزمان فذلك من تحقيق الشهادة بالرسالة؛ لأنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر بخروجه، فوجب الإيمان بذلك تصديقًا لخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأما قوله: ولا يمتنع كونه من جملة الخلفاء السابقين.

فجوابه: أن يقال: بل ذلك ممتنع، وقد تقدم بيان ذلك قريبًا فليراجع (٣).

وأما قوله: وهذا الحديث هو من جملة الأحاديث التي يزعمونها صحيحة وليست بصريحة.


(١) ص (١٢ - ١٧).
(٢) ص (١٠٠ - ١٠١).
(٣) ص (٢٣٩ - ٢٤٠).

<<  <   >  >>