للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يفعل فلا بُد أن يتصف بالأمر الثاني؛ وهو التقول على شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا هو الأحرى.

وقد قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه "المنار المنيف": "ومن ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد، كلها باطلة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، ذكر هذا في صفحة (١٣٦) من النسخة التي حققها عبد الفتاح أبو غدة، ثم ذكر حديث أم سلمة -رضي الله عنها- مع الأحاديث الواردة في المهدي، ذكره في صفحة (١٤٥) وقال: "والحديث حسن، ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح"، وقد ذكرت في أول الكتاب (١) أنه رواه ابن حبان في صحيحه، والطبراني في الأوسط، قال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح"، وقد أقره الحافظان؛ زين الدين العراقي، وابن حجر العسقلاني على هذا القول. وفي هذا رد على من طعن في الحديث وادعى أنه غير صحيح.

وأما قوله: فكم من رجل من قريش تولى الحكم على الناس، وألقى الإسلام بجرانه في زمانه، واجتمعت عليهم كلمته، واستفادوا في زمانه بالإيمان والأمان وزيادة الاطمئنان، ثم نشر العدل في جميع الأوطان ومكث في ولايته سنين طويلة دون أن يسمى المهدي.

فجوابه: أن يقال: إن هذه الصفات التي ذكرها ابن محمود لم توجد في أحد بعد أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إلا في عمر بن عبد العزيز مع قصر مدته في الولاية، وقد أجمع العلماء على أنه أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، ومع هذا فقد رُوي عن طاووس أنه قال: "هو مهدي وليس به - أي ليس بالمهدي المبشر به- إنه لم يستكمل العدل كله" ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية"، وقد رواه ابن أبي شيبة ونعيم بن حماد بإسناد حسن، عن إبراهيم بن ميسرة قال: "قلت لطاووس: عمر بن عبد العزيز المهدي، قال: كان مهديًا، وليس بذاك المهدي".

وأما قوله: واجتمعت عليهم كلمته.

فجوابه: أن يقال: قد وقع في هذا التعبير انقلاب مع ما فيه من الخطأ الظاهر، فأما الانقلاب ففي قوله: واجتمعت عليهم كلمته، وصوابه أن يقال: واجتمعت عليه كلمتهم، وأما الخطأ الظاهر فلأن الذين اجتمعت عليهم الكلمة منذ زمان يزيد بن معاوية إلى أن اضطرب أمر بني أمية لم يكن فيهم خليفة عادل سوى عمر بن عبد ......................


(١) ص (١٦، ١٧).

<<  <   >  >>