للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجوابه: أن يقال: لا يخفى ما في هذا الكلام من التخليط الذي يتنزه عنه كل عاقل، فأما أوصاف الملائكة فمن أين لابن محمود العلم بها حتى يقول إن أوصاف يأجوج ومأجوج لا تنطبق عليها، وأما أوصاف بني آدم فقد قال ابن محمود إن يأجوج ومأجوج من نسل آدم ومن ذرية نوح، ولا يخفى على عاقل أن أوصاف بني آدم وأشكالهم متقاربة، وإنما يختلفون في الألسنة والألوان، وحسن الوجوه أو قبحها.

وأما قوله: ولا يدرون كيف يخرجون على الناس.

فجوابه: أن يقال: إن خروجهم على الناس في آخر الزمان لا يختلف عن خروج غيرهم من بني آدم، وإنما يكون ذلك إذا جعل الله السد دكاء كما قال الله -تعالى- مخبرًا عن ذي القرنين أنه قال: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ}، وقد أخبر الله عنهم أنهم من كل حدب ينسلون؛ أي يسرعون.

وأما قوله: أينزلون من السماء أم ينبعون من الأرض؟!

فجوابه: أن يقال: لا يظن بأحد من المسلمين أنه يقول بهذا القول المستهجن؛ لأن يأجوج ومأجوج ليسوا ملائكة ينزلون من السماء، وليسوا ماء ولا غيره من المعادن السائلة التي تنبع من الأرض.

وأما قوله: لعلمهم أن الناس قد اكتشفوا سطح الأرض كلها، فلم يروهم ولم يروا سدًا.

فجوابه: أن يقال: الصواب أن يقال: سطح الأرض كله، ويقال أيضًا: إن قدرة بني آدم تعجز عن اكتشاف سطح الأرض كله، ولو قدر أنهم اكتشفوه فقد يصرف الله السائحين عن رؤية يأجوج ومأجوج ورؤية السد، لما له في ذلك من الحكمة.

والمقصود هنا بيان أنه يجب الإيمان بما أخبر الله به في كتابه عن السد ويأجوج ومأجوج، وأن يأجوج ومأجوج ما اسطاعوا أن يظهروا السد وما استطاعوا له نقبًا، وأنه إذا جاء وعد الرب -تبارك وتعالى- جعله دكاء، قال ابن كثير في "البداية والنهاية" في الكلام على قول الله -تعالى- مخبرًا عن ذي القرنين أنه قال: " {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي}؛ أي الوقت الذي قدر خروجهم على الناس في آخر الزمان، {جَعَلَهُ دَكَّاءَ}؛ أي مساويًا ......................

<<  <   >  >>