للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظروا أيها المنصفون إلى ما قاله أكابر العلماء في فضل الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وكثرة الثناء عليه، ثم انظروا إلى شذوذ ابن محمود ومخالفته لأكابر العلماء، حيث زعم أن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- كان ممن ينقل الحديث والقول على علاته تقليدًا لمن سبقه، وأنه كان يستعير الملازم من طبقات ابن سعد فينقلها ثم يردها إليه، وأنهم ذكروا ذلك في ترجمة ابن سعد.

وأقول: لا صحة لشيء مما زعمه ابن محمود، وقد راجعت ترجمة ابن سعد في عدة كتب من كتب التراجم والتواريخ، فما رأيت أحدًا منهم ذكر عن الإمام أحمد أنه كان يستعير الملازم من طبقات ابن سعد فينقلها ثم يردها إليه، وإنما ذكروا عنه أنه كان يرسل إلى ابن سعد يستعير منه أجزاء من حديث الواقدي، فينظر فيها ليعرفها ويعتبر بها ثم يردها، وبين استعارة الاجزاء لنقلها وبين استعارتها للنظر فيها ومعرفتها والاعتبار بها فرق شاسع، ولكن ابن محمود حرف الكلام ليتسنى له الطعن في الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، فأين الأمانة في النقل يا ابن محمود؟ وأين التقوى والخوف من الله؟!

الوجه الخامس: ما ذكره القاضي أبو الحسين في "طبقات الحنابلة": "عن الربيع بن سليمان، قال: قال لنا الشافعي -رضي الله عنه-: "أحمد إمام في ثمان خصال؛ إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة قال القاضي: وصدق الإمام الشافعي في هذا الحصر". انتهى.

ولا أعلم عن أحد من العلماء أنه أنكر شيئا من هذه الخصال التي وصف بها الشافعي أحمد بن حنبل، وإذا كان أحمد إمامًا في الورع، فكيف يظن به أنه كان ممن ينقل الحديث والقول على علاته تقليدًا لمن سبقه، وأنه كان يستعير الملازم من طبقات ابن سعد فينقلها ثم يردها إليه؟ هذا قول ظاهر البطلان، وهو من ظن السوء بأحمد، ولا شك أن أحمد منزه عن هذا الظن السيء.

الوجه السادس: أن يقال: إن المنصف عندما ينظر في مجازفة ابن محمود التي زعم فيها أن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- كان ممن ينقل الحديث والقول على علاته تقليدًا لمن سبقه، يجد أن ابن محمود نفسه قد وقع فيما هو أعظم من ذلك؛ حيث أنه كان ينقل الغث والسقيم من أراء العصريين وتخرصاتهم وأقوالهم الباطلة، ويعتمد .................................

<<  <   >  >>