للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب: عن هذا سيأتي في الكلام على الفصل الذي ذكره -إن شاء الله تعالى- ويظهر من قوله بما لا مزيد عليه أنه معجب بكلامه، الذي زعم أنه تحقيق، وما هو في الحقيقة إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا. وإنه لينطبق عليه قول الشاعر:

ودعوة المرء تطفي نور بهجته ... هذا بحق فكيف المدعى زللا

وقال ابن محمود في صفحة (٨): "وقد أسلفنا كلام الشيخ ابن تيمية -رحمه الله- فيها، وأن طائفة أنكروها بتاتًا، ومثله العلامة ابن القيم -رحمه الله- فقد قال في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف": "اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال؛ أحدها أنه المسيح ابن مريم وهو المهدي على الحقيقة، الثاني أنه المهدي ابن المنصور الذي ولى من بني العباس وقد انتهى زمانه، الثالث أنه رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من ولد الحسن بن علي، يخرج في آخر الزمان، وأكثر الأحاديث على هذا، الرابع قول الإمامية، وأنه محمد بن الحسن العسكري". فهذه الأقوال على اختلافها تدل على أن القضية هي موضع نزاع وخلاف في قديم الزمان وحديثه، وليست بموضع اتفاق".

والجواب: أن يقال: أما كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- فقد تقدم الجواب عنه (١)، وأن فيه ردًا على ابن محمود؛ لأن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- قد صرح أن الطائفة التي أنكرت أحاديث المهدي قد غلطت في الإنكار، وصرح أيضًا أن الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، وقد رد الشيخ على من أنكرها، فليراجع ما تقدم.

وأما ابن القيم -رحمه الله تعالى- فقد ذكر ثلاثة أقوال لأهل السنة، وقولا رابعًا للرافضة الإمامية، ورجح القول الثالث من أقوال أهل السنة؛ وهو أن المهدي رجل من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، من ولد الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورًا وظلمًا، فيملؤها قسطًا وعدلا، قال وأكثر الأحاديث على هذا تدل، وقد تقدم كلامه في أول الكتاب فليراجع (٢)، وتقدم أيضًا عنه أنه صحح حديثي ابن مسعود وأبي هريرة في ذكر المهدي، وقال في رواية أبي داود عن أبي سعيد إسناده جيد، وقال في حديث أم سلمة أنه حسن ومثله مما .................................................................


(١) ص (٥٨).
(٢) ص (٢٩ - ٣١).

<<  <   >  >>