للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

وقال ابن محمود في صفحة (١١) وصفحة (١٢): "دعوة العلماء والعقلاء إلى الاتحاد على حسن الاعتقاد. ثم خطب ودعا إلى الجلوس على بساط البحث والتحقيق عن أحاديث المهدي، وما يقال في صحتها وصلاحيتها وما يجب اعتقاده منها، وأتى فيما بين ذلك بكلام كثير لا طائل تحته، ثم تصدر للحكم في أحاديث المهدي بما أداه إليه رأيه وما أخذه تقليدًا عن بعض العصريين، فقال ما نصه: وأنه بمقتضى التحقيق لها والدرس لرواياتها يتبين بطريق اليقين أن فيها من التعارض والاختلاف وعدم التوافق والائتلاف ووقوع الإشكالات وتعذر الجمع بين الروايات ما يحقق عدم صحتها، ويجعل العلماء المحققين من المتأخرين وبعض المتقدمين يحكمون عليها بأنها مصنوعة وموضوعة على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليست من كلامه، وينزهون ساحة رسول الله وسنته عن الإتيان بمثلها، إذ الشبهة فيها يقينية والكذب فيها ظاهر جلي، وحاشا أن يفرض رسول الله على أمته الإيمان برجل من بني آدم مجهول في عالم الغيب، لا يعلم زمانه ولا مكانه، وهو ليس بملك مقرب ولا نبي مرسل، ولن يأتي بدين جديد من ربه مما يوجب الإيمان به، ثم يترك أمته يتقاتلون على حساب تحقيقه والتصديق به، ثم يتقدم أحدهم فيحل نفسه محل هذا المهدي المجهول، ويترتب عليه فتنة في الأرض وفساد كبير، وكل الأحاديث التي يوردونها لتحقيق خروجه متناقضة متعارضة ومختلفة غير مؤتلفة، فما يزعمونه صحيحًا منها فإنه ليس بصريح في الدلالة على ما ذكروا، وما يزعمونه صريحًا وفيه ذكر المهدي فإنه ليس بصحيح، وجماع القول إنها كلها ليست بصحيحة ولا صريحة ولا متواترة".

والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن ابن محمود لم يدعُ إلى الاتحاد على حسن الاعتقاد في أحاديث المهدي، وإنما دعا إلى سوء الاعتقاد الذي يتضمن تكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونبذ الأحاديث الثابتة عنه في المهدي وراء الظهر، فهذه حقيقة دعوة ابن محمود، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا» رواه الإمام أحمد ومسلم وأهل السنن من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

الوجه الثاني: أن يقال: إن ابن محمود لم يدعُ العلماء والعقلاء إلى الجلوس على بساط البحث والتحقيق عن أحاديث المهدي كما زعم، وإنما دعاهم في الحقيقة إلى اتباعه .......

<<  <   >  >>