للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أكون أنا والقِدْر. . . وعزم بعض إخوان أشعبَ عليه ليأكلَ عنده، فقال: إنّي أخاف من ثقيلٍ يأكل معنا فينغِّص لذّتنا، فقال: ليس عندي إلا ما تحبُّ، فمضى معه، فبينما هما يأكلان، إذا بالباب قد طُرق، فقال أشعبُ: ما أرانا إلا قد صِرْنا لما نكره، فقال صاحب المنزل: إنّه صديقٌ لي: وفيه عشرُ خصالٍ إن كرهت منها واحدة لم آذن له، قال أشعب: هاتِ، قال: أوّلها أنه لا يأكل ولا يشرب، فقال: التِّسعُ لك ودَعْه يدخل، فقد أمِنَّا منه ما نخافه. . .

وأكل رجل مع بعض البخلاء، وكان على مائدته أرغفةٌ هُنا وهناك، فلما فرغ من رغيفه قال: يا غلام، فَرسي، فقال الداعي البخيل: وما تصنع به؟ قال: أركبه إلى ذلك الرغيف. . وحدث أبو نواس قال: قلت لرجلٍ من أهل خراسان: لمَ تأكلُ وحدك؟ قال: ليس عليّ في هذا الموضع سؤال، إنما السؤال على من أكل معَ الجماعة، لأن ذاك تكلُّف، وأكلي وحدي

هو الأكلُ الأصلي. . . وأضاف رجلٌ أعرابياً، فلم يأتِه بشيء يأكله حتى غُشِيَ عليه من الجوع، فأخذ يقرأ عليه القرآن، فقال:

لَخُبْزٌ يَا أُخَيَّ علَيْهِ لَحْمٌ ... أحَبُّ إليَّ مِنْ حَسَنِ القُرَانِ

تَظلُّ تُدَهْدِهُ القرآنَ حَوْلي ... كأنِّي مِنْ عَفاريتِ الزَّمانِ

وقيل للجمّاز: من يَحضُر مائدةَ فلان؟ فقال: أكرمُ خلقِ الله: الكرامُ الكاتِبون. . . واصطحب رجلان فقال أحدهما للآخر: تعالَ حتّى نأكلَ معاً، فقال: معي خبزٌ ومعك خبزٌ، فلولا أنك تريد الشرّ لأكلتَ وحدك. . . وقيل لآخر: ألا تأكلُ معنا؟ فقال: الجماعة مَجاعة. . . ودَخل على ابنٍ لرجلٍ من الأشراف داخِلٌ وبين يديه فراريجُ، فغطّى الطبقَ بمِنْديلِه وأدخل رأسَه في جَيْبِه وقال للداخل عليه: كُنْ في الحُجْرة الأخرى حتى