للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هي عمادُ البِرِّ وقَوامُه، على جميع ألوانه، أي أنه ما دام هناك تقوى بمعناها الصحيح كان هناك صلة الرحم، وكان هناك الإحسانُ، وكان هناك مكارمُ الأخلاق، وكان هناك الخيرُ كله والبِرَّ في جميع ما يشتمل عليه وينتظمه، ولنورد عليك بادئ ذي بدء قولَهم في التقوى والمراد بها، ثم نردف ذلك بعبقرياتهم في التقوى وما يتأشّب إليها. . . ويجري منها على عِرْق. . .

[معنى التقوى]

التقوى في اللغة من الاتّقاء، بمعنى اتّخاذ الوقاية، وفي اصطلاحهم: صيانةُ النفسِ عمّا تستحق به العقوبةَ من فعل أو ترك، وقال أبو البقاء في كلياته: التقوى - على ما قاله عليٌّ رضي الله عنه - تركُ المعصية وتركُ الاغترار بالطاعة، وهي التي يحصل بها الوقايةُ

من النار والفوزُ بدار القرار، وغايةُ التقيّ البراءةُ من كل شيء سوى الله، ومبدؤها اتّقاء الشرك، وأوسطها اتّقاء الحرام، وغايتُها مُنتهى الطاعات، قال: وقد تُسمى التقوى خَوْفاً وخِشية. . . أقول:

فإنْ لا يَكُنْها أو تَكُنْه فإنّه ... أخوها غَذَتْهُ أُمُّهُ بلِبانِها

وقد عقد الإمام أبو حامد الغزالي للخوفِ كتاباً في كتابه الإحياء جاءَ فيه: إن التقوى والورع أسامٍ اشتُقّت من معانٍ شرطُها الخوف، فإن خَلَتْ من الخوفِ لم تُسَمَّ بهذه الأسامي. . . أقول: ومن أروع ما قيل في الخوف قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}. . . أقول: وإذن يكون: كلّما ازدادَ المرءُ علماً بالله سبحانه ازدادَ منه خوفاً، كما جاء في الأثر: أعلمُكم بالله أشدُّكم له