للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آيةً لو أخذَ الناسُ بها لكفتهم: ومن يتق الله. . . الآية. وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}. حقّ تقاته أي حقّ تقواه، وهو استفراغُ الوُسْعِ في القيام بما أمر الله به واجتنابِ ما نهى الله عنه، ومثله: فاتقوا الله ما استطعتم، يريد: بالغوا في التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع شيئاً، وعن عبد الله بن مسعود: هو أن يطاعَ فلا يُعصى ويُشكر فلا يُكفر ويُذكر فلا يُنسى، وقيل: هو أن تُنزَّه الطاعاتُ عن الالتفاتِ إليها، وعن توقّع المجازاة عليها، وقيل: هو أن لا تأخذَه في اللهِ لومةُ لائمٍ وأن يقومَ بالقِسْط - العدل - ولو على نفسِه أو ابنِه أو أبيه وقال سبحانه: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} محسنون: أي في أعمالِهم، من أحسنَ الشيء: أتقنَه. . . وقال بُزَرْجُمُهْر: مَنْ قَوِيَ فلْيَقْوَ على طاعةِ الله، ومن ضعف فليضعف عن معصيةِ الله. . . قال ابن المقفّع: ليَحْرِصِ البلغاءُ أن يزيدوا على هذه الكلمة - كلمة بزرجمهر - حرفاً، يريد: أنّها كلمةٌ جامعة وقال عبد الملك بن مروان لبنيه في مرضه: أوصيكم بتقوى الله، فإنّها أزينُ حُلَّةٍ

وأحْصَنُ كَهْفٍ، فقال مسلمة بن عبد الملك - وكان حاضراً - وأقربُ إلى الصواب، وأنفع في المآب: فقال عبد الملك: هاتان لا الأُوْليان. . . الحُلّة: كل ثوب جديد، ولا يقال له حلةٌ إلا إذا اجتمع معه ثوب آخر وعمامة، والكهف: الملجأ، وأصله كالبيت المنقور في الجبل وقال الحطيئة:

ولَسْتُ أرَى السَّعادةَ جَمْعَ مالٍ ... ولكن التَّقِيَّ هو السعيدُ

وتقوى اللهِ خَيْرُ الزَّادِ ذُخْراً ... وعندَ اللهِ للأتقَى مَزيدُ

وما لا بُدَّ أن يأتي: قريبٌ ... ولكنَّ الذي يَمضي بَعيدُ