للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نِعْمَتِه على عبده. . قال الإمام المناوي في شرحه على الجامع الصغير: قيل معنى يُرى: مزيد الشكرِ لله تعالى، بالعمل الصالح والثناء والذكرِ له بما هو أهلُه، والعطفُ والترحُّم، والإنفاقُ من فضل ما عنده وأحسن كما أحسنَ اللهُ إليك، والخلق كلُّهم عِيالُ الله، وأحبُّهم إليه أنفعُهم لِعيالِه، فيُرى أثرُ الجِدَّةِ عليه زيّاً وإنفاقاً وشُكراً إلى آخر ما قال وهكذا يحبُّ الناسُ أن يُرى أثرُ أنعامهم على من يُنعمون عليهم، روى أبو هلال العسكري عن العُتْبيِّ ما يلي: أراد جعفرُ بن يحيى حاجةً كان طريقُه إليها على باب الأصمعيّ فدفعَ إلى خادمٍ له كيساً فيه ألفُ دينار وقال: إنّي سأعَرِّج في رجعتي على الأصمعيّ، ثم سيحدثني ويضحكني، فإذا ضَحِكْتُ فَضَعِ الكيسَ بين يديه، فلمّا رجع ودخلَ إليه رأى حُبّاً مكسورَ الرأسِ وجَرّةً مكسورةَ العُنق، وقَصْعةً مُشَعّبة، وجفنةً أعشاراً، ورآه على مصلًى بالٍ وعليه بَرْنكان أجردُ، فغمز غلامَه أنْ لا يضعَ الكيسَ بين يديه، فلم يدعِ الأصمعيُّ شيئاً مما يضحكُ الثّكلان والغَضْبان إلا أوردَه عليه، فلَمْ يتبسّم، ثمّ خرجَ فقال لرجلٍ يسايرُه: مَن استرعى الذئبَ ظلَم، ومن زرعَ السّبْخةَ حصدَ الفقرَ، إنّي واللهِ لمّا علمت أنَّ هذا يكتم المَعْروفَ بالفعلِ ما حَفِلْتُ بِنَشْره له باللسان، وأين يقعُ مديحُ اللسانِ من آثارِ العِيان! إنّ اللسانَ قد يكذب، والحالُ لا تكذب، ولله درُّ نُصَيْبٍ حيث يقول:

فَعاجُوا فأثْنَوْا بالذي أنْتَ أهلُهُ ... ولو سَكَتوا أثْنَتْ عليكَ الحقائِبُ

ثم قال: أعَلِمْتَ أنّ ناووسَ أبْريزَ أمدحُ لأبْرويزَ من زهيرٍ لآلِ سنانٍ!