للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ}.

قوله سبحانه: إنّما مثل الحياة الدنيا، أي في سرعة تقضِّيها وذهابِ نَعيمِها بعد إقبالِها واغترارِ الناسِ بها، وزخرفها: حسنُها وبهجتُها، وقادرون عليها: أي متمكّنون من حَصْدِها، وأتاها أمرنا، أي نزل بزرعِها ما يجتاحُه فجعلَها اللهُ كأنها حُصدت من أصلها فصار زرعُها كأنه لم يكن وقال أبو جعفر المنصور حين حضرتْه الوفاة: بِعْنا الآخرةَ بنَوْمةٍ. . . وقال شاعر:

أراها وإنْ كانت تُحَبُّ فإنَّها ... سَحابَةُ صَيْفٍ عن قَليلٍ تَقَشَّعُ

وقال أعرابي: ما كانت الدنيا على بني فلان إلا طيفاً لما انتبهوا ولّى عنهم، وقال آخر:

مَرَرْتُ بِدُورِ بَني مُصْعَبِ ... بِدُورِ السُّرورِ ودُورِ الفَرَحْ

فَشَبّهتُ سُرعةَ أيّامِهِمْ ... بسُرْعَةِ قَوسٍ يُسَمَّى قُزَحْ

تَلَوّنَ مُعْتَرِضاً في السّماء ... فلمّا تَمَكَّنَ مِنْهَا نَزَحْ

[الماضي والحاضر والمستقبل]

قال الحسن البصري: أمْس أجل، واليوم عمل، وغداً أمل. . .، وقال حكيم: بيني وبين الملوك يومٌ واحد؛ أما أمس فلا يجدون لذَّتَه ولا أجد شدَّتَه وأما غدٌ فإنّي وإيّاهم منه على خطر، وما هو إلا اليوم، فما عسى أن يكون!

[تحذيرهم من تضييع الأيام]

قال حكيم: الليل والنهار يعملان فيك فاعْمَل فيهما.