للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقشت ذلك على خاتمي. وقال الشاعر:

ومَنْ عَرَفَ الأيّامَ لَمْ يَرَ خَفْضَها ... نَعِيماً ولَمْ يَعْدُدْ تَصَرُّفَها بَلْوَى

[حب الدنيا على الرغم من عيوبها]

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وقد ذُكر له قومٌ يحبّون الدُّنيا -: هُمْ أبناؤها، أفَيُلامُ الرجلُ على حبِّ والِدَيْه! وقال الشَّعبيُّ: ما أعلمُ لنا وللدنيا كقولِ كثيّر عزّة:

أسِيئي بِنا أوْ أحْسِني لا مَلومَةٌ ... لَدَيْنا ولا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ

وقد تقدّم وقال شاعر:

يَذُمُّون دُنيا لا يُريحونَ دَرَّها ... ولَمْ أرَ كالدُّنيا يُذَمُّ ويُحْلَبُ

لا يريحون درَّها فالدرُّ: اللبن يقول: إنّهم مع ذمِّهم إيّاها يُلحّون في الإقبال عليها ويَكلَبون ويَشْرَهون حتّى ما يتركونَ درَّها يستريح، وهذا على المثل. . .

وقال أبو العتاهية:

كُلُّنا يُكْثِرُ المَذمَّةَ للدُّنْ ... يا وكلٌّ بِحُبِّها مَفْتونُ

الدنيا تضرُّ مُحبّيها

قالوا في ذلك: الدُّنيا تضرُُّ محبّيها، وما كَرُمَت على أحدٍ نفسُه إلا هانت عليه الدُّنيا، وقالوا: أوحى اللهُ إلى الدُّنيا: أن اخْدُمي مَنْ جفاكِ واستخدمي مَنْ يهواك وهذا تمثيلٌ جميلٌ وحقٌّ وقال عمر بن عبد العزيز: الدُّنيا لا تضرُّ إلا مَنْ أمِنها ولا تنفع إلا مَنْ حَذِرها. وقال الفاروق رضي اللهُ عنه: ما كانت الدُّنيا همَّ امْرئٍ إلا لَزِمَ قلبَه خصالٌ أربع: فقرٌ لا يُدْرك