للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخْرَجَنا منها. وكان الحسن البصريُّ كثيراً ما يتمثل كلّما جرى ذِكْرُ الدُّنيا -:

اليومَ عِندَكَ دَلُّها وحَديثُها ... وغداً لغيرِك كَفُّها والمِعْصَمُ

وهذا البيت كذلك يُقال في غدرِ المَرْأةِ وقلَّةِ وفائِها. وكان إبراهيمُ بنُ أدْهَمَ العِجليُّ يقول:

نُرَقِّعُ دُنْيانا بتَمْزيقِ دينِنا ... فلا دِينُنا يَبْقى ولا ما نُرَقِّعُ

وقال السيد المسيح: أنا الذي كَفَأتُ الدُّنيا على وجهِها، فليست لي زوجةٌ تَموتُ ولا بيتٌ يَخْربُ. وقيل لمحمد بنِ واسع: إنّك لتَرْضى بالدُّون فقال: إنّما رَضِيَ بالدُّون من رَضِيَ بالدُّنيا. . . وقالت امرأةٌ لزوجِها ورأتْه مَهْموماً: مِمَّ هَمُّك؟ أبالدُّنيا فَقَدْ فَرَغ اللهُ منها أم بالآخرةِ فزادَك اللهُ همَّاً؟ وقال السيد المسيح: حبُّ الدُّنيا أصلُ كلِّ خطيئةٍ والمالُ فيها داءٌ كثير، قيل: ما داؤه؟ قال: لا يسلمُ صاحبُه من الفخرِ والكِبْر، قيل: وإن سَلِمَ؟ قال: يَشْغلُه إصلاحُه عن ذكرِ الله. وقال سيدنا رسولُ الله: (مَنْ أصبحتِ الدُّنيا همَّه وسَدَمَه نَزعَ اللهُ الغِنى من قلبِه، وصيَّرَ الفقرَ بينَ عَيْنَيْه ولَمْ يأتِه من الدُّنيا إلا ما كُتِبَ له؛ ومَنْ أصْبَحتِ

الآخرةُ همَّه وسَدَمَه نَزَعَ اللهُ الفقرَ من قلبِه وصيَّرَ الغِنى بين عَيْنَيْه وأتَتْه الدُّنيا وهي راغِمة). . . وقال سيدنا رسولُ اللهِ للضَّحاك بنِ سُفيان: (ما طعامُك؟ قال: اللَّحْمُ واللَّبنُ قال: ثمَّ يَصيرُ إلى ماذا؟ قال: ثمَّ يصيرُ إلى ما قد عَلِمْتَ، قال: فإن اللهَ ضربَ ما يَخْرجُ من ابْنِ آدمَ مثلاً للدنيا). . وكان بِشْرُ بنُ كعبٍ يقول لأصحابِه إذا فرغ من حديثِه: انطلقوا حتّى أريكُمُ الدُّنيا، فيَجيءُ فيقفُ بهم على السُّوق، وهي يَوْمَئذٍ مَزْبلةٌ، فيقول: انْظُروا إلى عَسَلِهم وسَمْنِهم وإلى دجاجِهم وبَطِّهم