للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو جعفر المنصور عند موتِه: اللَّهمَّ إنْ كنتَ تعلمُ أنّي قد ارتكبتُ الأمورَ العظامَ جُرأةً منّي عليك؛ فإنّك تعلمُ أنّي قد أطعْتُك في أحبِّ الأشياءِ إليك: شهادةِ أنْ لا إلهَ إلا أنْتَ، مَنّاً منك لا مَنّاً عليك. . . وكان سببُ إحرامِه من الخَضْراءِ أنّه كان يوماً نائماً فأتاه آتٍ في منامِه فقال:

كأنّي بِهذا القَصْرِ قَدْ بادَ أهلُهُ ... وعُرِّيَ مِنْهُ أهلُهُ ومَنازِلُهْ

وصَارَ عَميدُ القَومِ مِنْ بَعْدِ نِعْمَةٍ ... إلى جَدَثٍ تُثْنَى عَليه جَنَادِلُهْ

فَلَمْ يَبْقَ إلا رَسْمُه وَحَدِيثُهُ ... تُبَكِّي عليه مُعْوِلاتٍ حَلائِلُهْ

فاستيقظَ مَرْعوباً ثُمّ نامَ فأتاه الآتي فقال:

أبا جَعْفرٍ حانَتْ وفاتُكَ وانقْضَتْ ... سِنُوكَ وأمْرُ اللهِ لابُدَّ واقِعُ

فهَلْ كاهِنٌ أعْدَدْتَهُ أو مُنَجِّمٌ ... أبا جَعْفرٍ عنكَ المَنيَّةَ دافِعُ

فقال: يا ربيعُ ائْتِني بِطَهوري، فقام واغتسلَ وصلَّى ولبَّى وتجهَّز للحَجِّ، فلمّا صار في الثلثِ الأوَّل اشتدَّت عِلَّتُه، فجعل يقول: يا ربيعُ ألقِني في حَرَمِ اللهِ، فماتَ ببِئْرِ مَيْمون. . . وقالوا: لَقِّنْ ميِّتَك - أي لا إله إلا الله - فإذا قالَها فدَعْه يتكلَّمْ بغيرِها من أمرِ الدُّنيا ولا تُضجِّرْه.

[من امتنع من التوبة عند موته]

اعتلّ أعرابيٌّ، فقيل له: لو تُبْتَ، فقال: لَسْتَ ممَّن يُعطي على الذُّلِّ،