للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشَرُّ الحِمامين الزُّؤَامَيْنِ عِيشَةٌ ... يَذِلُّ الذي يَختارُها ويُضَامُ

وقال أيضاً:

وما الدَّهْرُ أهْلٌ أن تُؤَمَّلَ عِندهُ ... حَياةٌ وأنْ يُشْتاقَ فيهِ إلى النَّسْلِ

وقد تقدم وفي هذه القصيدة يقول المتنبي:

نُبَكِّي لِمَوْتانا على غَيْرِ رَغْبةٍ ... تفُوتُ مِنَ الدُّنيا ولا مَوْهِبٍ جَزْلِ

إذا ما تَأمَّلْتَ الزَّمانَ وصَرْفَهُ ... تيَقّنْتَ أنَّ الموتَ ضَرْبٌ من القَتْلِ

يقول: نحن نَبْكي على موتانا ونحزن لهم ونأسَف لفراقِهم ونحن على يقين من أنهم لا يفوتهم من الدنيا ما يُرغَبُ في مِثلِه ولا يمتعون منها بما يصحُّ أن يتنافس في نيله، ثم قال في البيت التالي: وأنت إذا ما تأمَّلت وأنعمتَ النظرَ في تصاريف الدهر وخطوبه تيقَّنْتَ أنّ الموت المحتوم على المرء كالذي يتوقّعُه من القتل وإذن لا داعيَ للجُبن والذعر ولا مُوْجِبَ لحبِّ الحياة والتهافت عليها قال عنترة:

فأجَبْتُها: إنّ المَنِيّةَ مَنْهَلٌ ... لا بُدَّ أنْ أُسْقَى بذاكَ المَنْهَلِ

فاقْنَيْ حَياَءكَ لا أبا لَكِ واعْلَمِي ... أنِّي امْرؤٌ سأموتُ إنْ لَمْ أُقْتَلِ

فاقْنَيْ حَياءَكَ: فالْزَميه واحفظيه واتخذيه قُنيَةً وقال الإمام الجنيد: مَن كان حياتُه بنفسِه يكون مماتُه بذهابِ روحِه، فتَصْعُبُ عليه، ومن كان حياتُه برَبِّه فإنّه يَنْتَقِلُ من حياة الطبع إلى حياة الأصل، وهي الحياة الحقيقيَّةُ.

تمنّي الموت

قال أعرابيٌّ: خيرٌ من الحياةِ ما إذا فقَدْتَه أبغَضْتَ لفقدِه الحياةَ، وشرٌّ