للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذا ضيقت شيئاً ضاق جداً

ومما يؤثر في باب الصبر قول الشاعر:

إذا ضَيَّقتَ شيئاً ضاقَ جِداً ... وإنْ هَوَّنْتَ ما قدْ عَزَّ هانا

فلا تَهْلِكْ لِشيْءٍ فاتَ يأساً ... فَكَمْ أمْرٍ تَصَعَّبَ ثُمَّ لانا

سَأصْبِرُ عَنْ رفيقي إنْ جَفاني ... عَلى كُلِّ الأذى إلا الهَوانا

فإنَّ المَرْء يَجْزعُ في خَلاءٍ ... وإنْ حَضَرَ الجَماعة أنْ يُهانا

يأساً مردود إلى قوله تهلك يقول: لا تهلك يأساً. وقوله: فإن المرء. . . البيتُ يقول: إنّ المرء يجزع أن يهانَ كان وحده أو في جماعة

لا تلهفنَّ على ما فاتك

ونُورد هنا هذا المثل البديع وإن كانت شهرته قد كادت تبتذله. . . روى الشَّعْبيُّ: أنّ رجلاً من بني إسرائيل صاد قُبَّرةً، فقالت: ما تريد أن تصنعَ بي؟ قال أذْبَحُكِ فآكلك! قالت: والله ما أشْفي من قَرَمٍ ولا أغْني من جوع، أُعلِّمك ثلاثَ خصالٍ هي خيرٌ لك من أكلي: أما الواحدة فأُعلِّمُكَها وأنا في يدك، والثانيةُ إذا صرْتُ على هذه الشجرة، والثالثةُ إذا صِرْتُ على الجبلِ، فقال: هاتي! قالت: لا تلهَفَنَّ على ما فاتك، فَخلّى عنها، فلمّا صارت فوق الشجرة قال: هاتي الثانية، قالت: لا تُصَدِّق بما لا يكون أنّه يكون، ثم طارت فصارت على الجبل، فقالت: يا شقيُّ! لو ذَبَحْتَني لأخْرَجْتَ مِنْ حَوْصَلتي دُرَّةً فيها زِنةُ عشرينَ مِثقالاً! قال: فعَضَّ على شَفَتَيْه وتلهَّفَ؛ ثم قال: هاتي الثالثة، قالت له: أنْت قدْ نَسيتَ الاثنتين، فكيفَ أعلِّمك الثالثة! ألَمْ أقُلْْ لك لا تلهفنَّ على ما فاتك؟ فقد تَلهَّفْتَ عليَّ إذْ فُتُّكَ، وقلتُ لك

لا تُصَدِّقَنَّ بما