للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الرابع في كتمانِ السرِّ وإفشائه

وعبقرياتهم في ذلك وفيما يجري هذا المجرى

من الشورى والاستبداد بالرأي والنصح والأناة والعجلة

وهذا كتمانُ السِّرِّ هو الآخرُ لونٌ من ألوان الصبر الذي أسلفنا القولَ عليه في الباب الثالث، وهو معنى من المعاني الخُلقيَّة التي عُني بالقولِ عليها والحثّ على الاستمساك بعروتها سائرُ عقلاء الناس في كل جيل ممن حنَّكَتْهم التجاريبُ، ذاهبين إلى أنَّ إفشاء السرّ - كان ما كان لونه - آيةٌ من آياتِ الضّعفِ ودليلٌ على أن في عقل صاحبه عُهْدةً تُغْتَمز فيه، وأنّه ناشئٌ من قلة الصبر وضيقِ الصدر، وأنّه من خلائِق ضَعَفَةِ الرجال والنساء والصبيان.

ومن السرِّ ما يُعدُّ كتمانُه من الحزم والاحتياط. وهذا أخصُّ ما يكون بالملوك والساسة ومَنْ إليهم، وهذا اللونُ من السر قد يؤدي إفشاؤُه إلى سفك الدماء وضياعِ الممالك والدول والدمار وخرابِ الديار. . . ومن السر ما يحدث من الإنسان ممّا تُستقبح إشاعتُه ويشنُعُ سماعُه. وإلى هذا اللون يشير سيدُنا رسول الله بقوله صلوات الله عليه: (مَنْ أتى مِنكمْ من هذهِ القاذورات بشيءٍ فليستتر بستر الله). . .

وبعد فإياك إيّاك يا أخي أن يخدعَك عَنْ سرِّك مثلُ قول القائل:

وأكتمُ السرّ فيه ضَرْبَةُ العُنُق