للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكْتمُ سرّي، وكان رجلاً ظُهَرَةً وكنْتُ في أطْوَعِ جندٍ وأصْلحِه، وكان في أخْبثِ جندٍ وأعْصاه، وتركْتُه وأصحابَ الجملِ وقلتُ: إنْ ظَفِروا به كانوا أهْونَ عليَّ منه، وإنْ ظَفِرَ بهم اعتَدَدْتُ بِها علَيْه في دينه، وكنتُ أحبَّ إلى قُريْشٍ منه. . .

وجاء رجلٌ إلى القاضي شُرَيح فكلّمه بشيءٍ وأخفاه، فلما خرجَ قال له رجلٌ: يا أبا أميّةَ، ما قال لكَ؟ قال: يا ابنَ أخي، أوَ ما رأيتَه سَتَرَه عنك!

وأسرَّ رجلٌ إلى صديقٍ له حديثاً فلما استقصاه قال: أفهِمْتَ؟ قال: لا، بل نَسيتُ. .

وقال عبيدُ الله بن عبد الله بن عتبةَ بن مسعود الفقيه:

إذا كان لي سِرٌّ فَحَدَّثتُه العِدا ... وضاقَ به صَدْري فَلَلناسُ أعْذَرُ

هُوَ السِّرُّ ما اسْتُودِعْتَه وكَتَمْتَه ... ولَيْسَ بِسرٍّ حينَ يفشو ويَظْهرُ

ويقال: إذا انتهى السرُّ مِن الجَنانِ إلى عَذَبةِ اللّسانِ فالإذاعةُ مُستوليةٌ عليه. . . .

وقال عمر بن عبد العزيز: القلوبُ أوعيةٌ للأسْرارِ، والشِّفاهُ أقفالها والألسنُ مفاتيحُها، فلْيَحْفظ كلُّ امْرئٍ مِفتاحَ سِرِّه. . . .

وقال شاعر:

صُنِ السِّرَّ عَنْ كُلِّ مُسْتَخْبِرٍ ... وحاذِرْ فما الحَزْمُ إلا الحَذَرْ

أسيرُك سِرُّك إنْ صُنْتَه ... وأنْتَ أسيرٌ له إنْ ظَهَرْ

وقال جَميلُ بن مَعْمَر: