للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عزَّ وتَقدَّس: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، وقال تعالى لِنَبِيِّه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}. . . {خُذِ الْعَفْوَ}، فالعفو: السهل المُيَسَّر والمعنى: احْتَمِلْ أخْلاقَ الناسِ واقْبلْ مِنها ما سَهُلَ وتَيَسَّر ولا تَسْتَقْصِ عليهم فيَسْتَقْصي اللهُ عليك مع ما فيه من العداوة والبغضاء، أقول: ولمّا حقَّقَ سيِّدُنا رسولُ اللهِ ما أدّبه الله به قال سبحانه في حقِّهِ: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}

وقال الأحنفُ بن قيس: إيّاكَ وحَميَّةَ الأوْغادِ، قيل: وما حَمِيَّتُهم قال: يَرَوْنَ العفْوَ مَغْرماً والتَّحمُّلَ مَغْنَماً. . . التحمّل ههنا: الغضبُ وقد جاء في بعض الرّوايات بدل التّحمل: والبخُل

وقيل لبعضهم: هل لكَ في الإنصاف أو ما هو خيرٌ من الإنصاف؟ فقال: وما هو خير من الإنصاف؟ قال: العفو. . .

وقالوا: العفو زكاةُ النفس

وقالوا: العفوُ عَنِ المُذْنِبِ من واجباتِ الكَرَم. . .

وقالوا: لذَّةُ العَفْوِ أطْيَبُ مِنْ لَذّةِ التَّشفّي؛ لأنَّ لذّةَ العَفْو يَلْحَقُها حمدُ العاقِبة، ولذَّةُ التَّشفِّي يلْحقُها ذمُّ الندم. . . وقال الشاعر وقد نظم هذا المعنى:

لذّةُ العَفْوِ إنْ نَظَرْتَ بِعَيْنِ ال ... عَدْل أشْفى مِنْ لَذَّةِ الإنْتقامِ

هذه تُكسِبُ المَحامِدَ والأجْ ... رَ وهذه تَجيءُ بالآثامِ

التحلُّم عنِ الخدمِ

نَظَرَ معاويةُ إلى ابْنِه يزيدَ وهْوَ يَضْرِبُ غلاماً له، فقال له: أتُفْسِدُ أدبَك بأدبِه! فلَمْ يُرَ ضارِباً غُلاماً له بَعْدَ ذلك.